الاثنين، 3 أكتوبر 2016

عصام الشنطي_رحمه الله_شيخ مفهرسي المخطوطات


عصام الشنطي_رحمه الله_شيخ مفهرسي المخطوطات (بقلم رياح فوزي)

تمهيد:
يُعَدُّ التراث العربي والإسلامي أقدم وأضخم تراثٍ حضاري إنساني عرفتْه البشريَّة، هذا التراثُ الحضاري العظيمُ مرَّ بسلسلةٍ طويلةٍ من الصعاب والكوارث على مرِّ العُصُور، فقد ألَمَّ به الكثيرُ من النكبات عبْر تاريخه، الذي يمتد بطول حقبةٍ زمنية طويلة، تبدأ منذ تدوين المصْحف الشريف - باعتباره أول كتاب عربي مخطوط - وتستمر حتى دُخُول الطباعة العالَم العربي والإسلامي، هذا التراث المخطوط يُمثِّل حضارة أمةٍ قدمتْ للإنسانية ما لم تقدمه وتحققه أمم أخْرى.

إن هذا التراث العظيم لَم يكنْ ليصل إلينا، أو أن تصل فهارسُه إلينا دون جُهُود فرسان وعلماء أفاضل مخلصين، أخذوا على عاتقهم مهمَّة جليلة، وهي نفْض الركام والغبار عن كاهِلِ هذا الإرْث الحضاري، وكفاه ما عاناه مِن نكبات فيما مضى، هؤلاء الفُرسان يعملون على تنظيم ذلك الإرْث وترتيبه، وإتاحته للباحثين والدارسين والمهتمين به بشكْل مناسبٍ، ومِن بين فرسان المخطوطات العربية والإسلامية المخلصين: فارسٌ نبيلٌ يعمل في دأبٍ وصمتٍ وتواضُع، اختار أن يعملَ منذ نصف قرْن تقريبًا في خدْمة المخْطوطات العربية والإسلامية، اختار أن يعملَ في مجال قد يبتعد عنه كثيرون؛ نظرًا لما فيه مِنْ مشقَّة وصِعاب، وقد يقترب منه البعضُ أمَلاً في الشُّهْرة والأضْواء.

فارس اليوم هو عصام محمد الشّنطي، الذي اتخذ مِن معهد المخطوطات العربية سكَنًا وبَيْتًا له، واختار منَ المخطوطات العربيَّة والإسلامية المنتشرة في جميع أنحاء العالَم طريقًا له؛ حيث سافَر إلى أكثر مِن بلد عربي وأجنبي توغل فيها، وهو يُنقِّب عنْ مخطوطات عربية وإسلامية، ويكْشف عن النفيس منها لصالِح جامعة الدول العربية، ومن ثَمَّ للباحثين في أرجاء العالم، زار الاتحاد السوفيتي؛ (حينما كان يُعَدُّ القوة العظمى الثانية في العالم)، ويوغسلافيا، وإيطاليا، والهند، وسورية، والسعودية، واليمَن، والجزائر، وغيرها.

واكتسب في هذا المجال خبرةً واسعة، وأصبحت الرابطة موصولة بينه وبين مراكز المخطوطات العربية الموَزَّعة في العالَم، والعلماء المعْنيين بتُراث العرب الفكري، الأمر الذي أتاح له المشارَكة في كثير مِن أعمال المؤتمرات والدورات التدريبية والحلقات والندوات واللجان في القاهرة، والإسكندرية وبغداد، ودمشق، والدار البيضاء وزليطن (ليبيا)، ودُبي، والجزائر، وغيرها، وكانت هذه كلها تدور حول تُراث العرب الفكري، ومشكلات المخطوطات العربية وفهرستها وتصْنيفها، وترميمها وصيانتها، وتحقيق النصوص ونشْرها، وقضية الأصالة والمعاصرة عند العرب، فهو بحقٍّ علامةٌ مضيئة بارِزة تستحق تسْليط الأضواء عليها مِن خلال: مولده ونشأته، والتعليم والدرجات العلميَّة التي حصل عليها، والوظائف والمناصب التي تقلَّدَها، والجوائز والدروع وشهادات التقدير التي نالَها، والمؤتمرات والندوات التي شارَك فيها، ومؤلفاته وأبحاثه المنْشورة.

المولد والنشأة:
وُلِد عصام الشنطي في قلقيلية قلب فِلَسْطين النابض في اليوم الثامن عشر من شهر ديسمبر عام 1929، ينتسب إلى أسرة فِلَسْطينية عربية ميسورة الحال، ومعروفة بِوَطنيتها وجدّيتها، وفتح عينيه ليرى جده لأبيه ووالده، دائبي العَمَل، فورث عنهما الجدَّ والاجتهاد.

قضى طفولته وشبابه، وهو يُشاهد الانتداب البريطاني على فِلَسطين غير أمين على حقوق أصحابها العرب، يمهد إلى قيام دولة إسرائيل، وحفظ الأناشيد الوطنية، ولَم يكنْ قد جاوز ست سنوات، وكان بعضُها يُمَجِّد جهاد الثائر الشيخ عز الدين القَسَّام، ويذكر استشهاده في سبيل وطنه عام 1935.

كانتْ بلدتُه بلدةً زراعيَّة منَ الدرجة الأولى، ويملك جده لأبيه ووالده وأعمامه مزارع البرتقال وكروم العنب والفاكهة، ويملك جده لأمه وأخواله كثيرًا من شجَر الزيتون، فالتَصَقَ منذ طفولتِه بالأرض، وتربَّى في أحضان الرمل الذهبي، ورائحة زهْر البرتقال، وطعْم زيت الزيتون.

التعليم:
تلقى عصام الشنطي تعليمه الأساسي في فِلَسطين، حيث كان بارزًا في دراسته الابتدائية التي أنهاها في بلدته عام 1944، وكذلك في المرحلة الثانوية التي أنْهاها في مدينة طولكرم، وعُرف بين زملائه بالجلد والمثابرة والدِّقة، وكان يتجه بتفكيره البسيط إلى ربْط نتائج الأمور بأسبابها بعيدًا عن الخُرافات، فتمرَّن على الأخْذ بالأسلوب العلمي.

شدَّ عصام الشنطي الرِّحال إلى القاهرة في عام 1948 ليكمل دراسته الجامعية بها، فالتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسْم اللغة العربية، وتتلْمذ فيها على أيدي أساتذة عظام؛ مثل: الدكتور شوقي ضيف، الذي تأثر بأسلوبه في الكتابة والبحث والتأليف، وحصل على درجة الليسانس في الآداب بتقدير جيد جدًّا عام 1953.

وفي عام 1967 حصل على دبلوم الدراسات العليا من معْهد البحوث والدراسات العربيَّة بالقاهرة بتقدير جيد جدًّا، وكان أول دُفعته.

وكانتْ قد اكتملتْ شخصيتُه، وتحددتْ توجُّهاته، وبقي مُستقلاًّ لا ينتمي إلى حزب من الأحزاب، وظل حرًّا طليقًا لا يحكمه قيد سوى انتمائه إلى وطنه الضائع، وقوميته التي يعْتز بها، وعدالة اجتماعية ينشدها لأبناء أمته، وتحدوه في ذلك عقلانية كانتْ دائمًا مصباحه المنير، يهديه سواء السبيل، ولذلك توجَّه إلى إبراز الجهد العربي بعامة، والفِلَسْطيني بخاصة، نحو اللغة والأدب والثقافة والفكر؛ طمَعًا في خدْمة العُرُوبة والعربيَّة وثقافتها ووحدتها الفكريَّة.

المناصب والوظائف التي تولاَّها:
عمل عصام الشنطي في العام التالي لتخرجه عام 1954 بوزارة الشؤون الاجتماعيَّة الأردنية في بيت المقدس، وشارَك في إنشاء رابطة تضم موظفي فِلَسْطين في بيت المقدس، يتداوَلون فيها شؤونهم وشؤون بلادهم، ثم عمل منذ عام 1957 في التدريس بضع سنين في معهد المعلِّمين العالي بطرابلس (ليبيا)، فكان يبث في طلابِه - في دروس التاريخ - روح الوطنية، ويكشف لهم عن قوة العرب وحضارتهم في الماضي، وعن ضَعْفهم وتفكُّكهم إلى دويلات، وعن النكبة الفلسطينية وأسبابها.

وأُتيح له منذ عام 1967 أن يعملَ في جامعة الدول العربية (معهد المخطوطات العربية)، في القاهرة، ثم تونس، فالكويت، في مجال تراث العرب الفكري المخبوء في آلاف المخْطوطات المُوَزَّعة في أنْحاء شتَّى مِنْ أقطار العالَم، عربيَّة وإسلامية وأجنبية، ورأى كيف أنَّ العرب أسهموا - إبان عزِّهم - في موْكب الحضارة بسَهْمٍ وافرٍ في شتَّى العلوم.

وانتهى عملُه مديرًا لمعْهد المخطوطات العربية ببلوغه السن القانونية في آخر عام 1989، واستمر عطاؤُه في المعهد - وهو بيته - خبيرًا متفرِّغًا، وعضوًا في مجلسه الاستشاري منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا.

ومنذ إنشاء قسم "علْم المخطوطات وتحقيق النصوص" في نِطاق الدِّراسات العليا لدى جامعة الدول العربية، أخذ يُحاضر في قواعِد تحقيق النصوص، ومصادر التُّراث العامة، وفهْرسة المخْطُوطات، ويُشارك في الإشْراف على تحْضير درجة الماجستير، بالإضافة إلى عُضويته في مجلس القسْم العلمي.

ويذكر أنه نال درْع كلية العلوم (جامعة القاهرة) عام 2001.

مؤلفاته التي أثرى بها المكتبة العربية:
بلغتْ مؤلَّفات عصام الشنطي ثمانية وتسعين عملاً ما بين كُتُب، أو أجزاء مِن كُتُب، ومقالات دوريات، وفهارس مخْطوطات، وأعمال مؤتمرات وندوات ومحاضرات في اللغة والنقد والتُّراث العربي وفهْرسة المخطوطات، ومخطوطات فِلَسْطين، وشخْصيات فِلَسْطينية وتُراثية وغيرها، نعرض لها في السياق التالي مرَتبة ترتيبًا زمنيًّا مِنَ الأحْدث إلى الأقْدم، بعد تصْنيفها إلى أنْواعها المختلفة.

أولاً: الكتب أو فصول من الكتب:
1- "ترقيق الأسَل لتصفيق العسَل"؛ للفيروزآبادي، تحقيق ودراسة (بالاشتراك) - بيروت: دار الغرب الإسلامي، 2006م.
2- "باعث النفوس إلى زيارة القدس المحروس"؛ لابن الفرْكاح الفزاري، تحقيق/ أحمد عبدالباسط حامد، أحمد عبدالستار عبدالحليم؛ تصدير عصام محمد الشنطي - القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، 2005م، صدر بمناسبة رعاية الدار للندوة الدولية، القدس في المصادر التاريخية 19- 20 يونيو 2005.
3- "جهود المنجد في خدمة التراث"، ندوة شوامخ المحققين - القاهرة، دار الكتب والوثائق القومية، 2004م.
4- "تعقيب على بحثي: كُتُب السير في التُّراث الإسلامي"، (نموذج محمد النفس الزكية)؛ لرضوان السيد، و"سفارتان بين الأندلس الأموية، والإمبراطورية البيزنطية"؛ لمحمود على مكي - في تُراث العرَب والمسلمين في العلاقات الخارجية - القاهرة معهد المخطوطات العربية، 2003م.
5- "إنقاذ مخطوطات فلسطين في التراث العربي: قضايا الحاضر وآفاق المستقبل - القاهرة: معهد المخطوطات العربيَّة، 2002م.
6- "تراث العرب السياسي في المشْرق: قِمم وتحوُّلات في تراث العرب السياسي" - القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 2002م.
7- "المواقع الحرجة للتراث العربي المخطوط في العالَم" - في التُّراث العربي: قضايا الحاضر وآفاق المستقبل - القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 2002م.
8- "السبحة في ثمرات الامتنان"، دراسات مهداة للدكتور حسين نصار تكريمًا له - ط1 - القاهرة: الخانجي، 2002م.
9- "جهود مبَكِّرة في التَّعْريف بمخطوطات فِلَسْطين" - في التُّراث العربي المخطوط في فلسطين القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2001م.
10- "جُهُود المؤسسات العربية في خدمة التراث العلمي، في التراث العلمي العربي، مناهج تحقيقه وإشكاليات ونشره" - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2000م.
11- "أول المخطوطة وآخرها في فن فهرسة المخطوطات، مدخل وقضايا" - القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 1999م.
12- "تعْقيب على بَحْث جُهُود المستشرقين ومناهجهم في فهْرَسة المخطوطات العربية"؛ لعادل سليمان جمال - في فن فهْرسة المخطوطات مدْخل وقضايا - القاهرة: معْهد المخطوطات العربية، 1999م.
13- "تجربة معْهد المخطوطات العربية في الفهْرسة"، في التجارب العربية في فهرسة المخطوطات - القاهرة معهد المخطوطات العربية، 1998م.
14- "تعقيب على بَحْث التجربة السورية في فهرسة المخطوطات"؛ لغسان اللحام - في التجارب العربية في فهْرسة المخْطوطات - القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 1998م.
15- "المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع (أ - ث): المستدرك/ علال ناجي؛ مراجعة وصنع إثبات عصام محمد الشنطي - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1996م.
16- "المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع: الجزء الخامس" (م - ي)، وكتب مجهولة المؤلفين/ محمد عيسى صالحيه؛ مراجعة ووقوف على الطبْع عصام محمد الشنطي - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1995م.
17- المخطوطات العربية: أماكنها، الاشتغال بها، فهرستها وتصنيفها ومشكلاتها، في المخطوطات العربية في الغرب الإسلامي، الدار البيضاء: مؤسَّسة الملك عبدالعزيز، 1990م.
18- المخطوطات العربية المصوَّرة من صنعاء - الكويت: معهد المخطوطات العربية 1409هـ/ 1988م.
19- أُسُس تحقيق التُّراث العربي ومناهجه (بالاشتراك) - الكويت: معهد المخطوطات العربية، 1985م، قدم في الأساس إلى لجنة وضْع مشروع أُسُس تحقيق التراث ببغداد عام 1980.
20- المخطوطات العربية في الهند - الكويت: معهد المخطوطات العربية، 1405هـ/ 1985م.
21- المخطوطات العربية في يوغسلافيا - الكويت: معهد المخطوطات العربية 1405هـ/ 1985م.
22- الجمالية والواقعية في نقْدنا الأدبي الحديث - بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1979م.
23- خليل السكاكيني اللغوي، القاهرة، معهد البحوث والدراسات العربية، 1967م.

ثانيًا: فهارس المخطوطات:
1- فهرس المخطوطات المصورة في الجغرافيا والبلدان، الجزء الأول، القسم الثاني - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2003م.
2- فهرس المخطوطات المصوَّرة في السياسة والاجتماع: الجزء الأول، القسم الثاني - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2002م.
3- فهرس المخطوطات المصورة في التاريخ: الجزء الثاني، القسم السادس القاهرة، معهد المخطوطات العربية 2001م.
4- فهرس المخطوطات المصوَّرة في التاريخ: الجزء الثاني، القسم الخامس - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2000.
5- فهرس المخطوطات المصورة في الفلك والتنجيم والميقات: الجزء الثالث (العلوم)، القسم الثاني - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1999م.
6- فهرس المخطوطات المصورة في اللغة، الجزء الأول، القسم الثاني - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1998م.
7- فهرس المخطوطات المصورة في النحو: الجزء الأول، القسم الثاني - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1997.
8- فهرس المخطوطات المصوَّرة في الأدب: الجزء الأول، القسم السادس (مح - ي) - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1996م.
9- فهرس المخطوطات المصورة في الأدب: الجزء الأول، القسم الخامس (ص - مج) - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1995م.
10- فهرس المخطوطات المصورة في الأدب: الجزء الأول، القسم الرابع (ر - ش) - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1994م.
11- فهرس المخطوطات المصورة في الأدب: الجزء الأول - الكويت: معهد المخطوطات العربية، 1406هـ/1968م.
12- فهرس مخطوطات المكتبة الخالدية في القدس: الجزء الأول/ نظمي الجعبة؛ مراجعة وتحرير عصام محمد الشنطي - لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، تحت الطبع.

ثالثًا: مقالات الدَّوْرِيات:
1- "كبيكج" في المخطوطات العربية/ آدم كتشك؛ ترجمة عصام محمد الشنطي - تراثيات - ع8 (يوليو 2006م).
2- مكانة العرَب والمسلمين في تاريخ العلوم والحضارة البشرية/ فؤاد سزكين؛ قام بتحْريرها وتنْسيقها ونشْرها عصام محمد الشنطي - تراثيات - ع7، (يناير 2006م).
3- إحسان عباس وأولى تجاربه مع التحقيق - مجلة معهد المخطوطات العربية - مج 49، ج 1، 2 (مايو - نوفمبر 2005م).
4- حاصل كورة الخلاص في فضائل سورة الإخلاص؛ للفيروزبادي، تحقيق ودراسة (بالاشتراك) - الأحمدية - ع20 (جمادى الأولى 1426هـ/ يونيو 2005م).
5- داء العشْق ودواؤه عند الأنطاكي، قراءة في "تزيين الأسواق" - العرب - س40، ج7، 8 (فبراير - مارس 2005).
6- "جهود المنجد في خدمة التراث" - العرب - س40، ج1، 2 (سبتمبر - أكتوبر 2004م).
7- "ومضة لغوية" - الخفجي - ع9 (سبتمبر/ أكتوبر 2004م).
8- "طرق تأريخ النسخ في المخطوطات: النشأة والحل" - تراثيات - ع4، (يوليو 2004م).
9- أبو بكر الرازي: أبو الطب العربي - تراثيات - ع2 (يوليو 2003م).
10- تاريخ النسخ في المخطوطات العربية - مجلة عالم المخطوطات والنوادر - مج6، ع2 (أكتوبر 2001 - مارس 2002م).
11- حكاية مخطوطة فريدة في عكا الأسيرة - ذاكرة فِلَسْطين، ع2، (فبراير مايو 2001م).
12- كتاب الجهاد لابن المبارك: عرض وتحليل - ذاكرة فِلَسْطين - ع1 (يناير/ كانون الثاني 2001م).
13- السبحة المجلة الثقافية: الجامعة الأردنية - ع50 (حزيران - آب 2000م).
14- الشيخ حمد الجاسر: علامة الجزيرة العربية - الخفجي - س30، ع2 (مايو 2000م).
15- تجربة معهد المخطوطات العربية في الفهرسة - تُراثنا - ع10 (فبراير 1999م).
16- رحلات حمد الجاسر للبحث عن التراث - العرب - ج3، 4، (يناير - فبراير 1998م).
17- إربد مدينتي الجميلة، قصيدة مركبة لحسين خريس: عرض وتحليل ونقد - اليرموك: جامعة اليرموك - ع57 (أيلول 1997م).
18- مشكلة فهرسة المخطوطات: البحث عن حل - مجلة معهد المخطوطات العربية - مج41، ج1 (مايو 1997م).
19- اتجاهات الهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي: الاجتماع الثاني - مجلة معهد المخطوطات العربية - مج ج1 (مايو 1997م).
20- اتجاهات ندوة العيد الذهبي للمعهد - مجلة معهد المخطوطات العربية - مج40، ج1 (مايو1996م).
21- رحلات حمد الجاسر للبحْث عن التُّراث - مجلة معهد المخطوطات العربية - مج40، ج2 (نوفمبر 1996م).
22- قضيَّة التعريف بالمخطوطات: الجُهُود المبْذولة وأوجُه القصور - مجلة معهد المخطوطات العربية - مج40، ج1 (مايو 1996م).
23- ذكريات العهود الجميلة، ديوان لحسين خريس: تحليل ونقد - اليرموك: جامعة اليرموك - ع44، 45 (1994م).
24- ابن القف: طبيب وجراح القرن السابع الهجري - الخفجي - (أكتوبر 1993م).
25- الأصالة في مجال العلم والفن؛ لنوري جعفر: عرْض ونقْد وتحليل الخفجي - (يونيو 1993م).
26- التصْحيف والتحْريف في اللُّغة - الخفجي - (يوليو 1992م).
27- الحكايات اللغوية وحلقاتها المفقودة - الخفجي - (سبتمبر 1992م).
28- صلاح الدين المنجد والمخطوطات والتغريب - مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 35، ج1، 2 (1412هـ/ 1991م).
29- فضائل بيت المقدس؛ لأبي بكر الواسطي مخطوطة فريدة، مجلة معهد المخطوطات العربية مج 36، ج1، 2، 1413 هـ، 1991م
30- مقدمة نشرة أخبار التراث العربي - ع 36 (مارس/ أبريل 1988م).
31- تيار العروبة في كتاب "المعاصرون"؛ لمحمد كرد علي، مجلة مجمع اللغة العربية: دمشق - مج 59، جزء 1، (1404هـ)/ 1984م).
32- من منشورات قسم اللغة والأدب: بحث تحليل لاثني عشر كتابًا - مجلة معهد البحوث والدراسات العربية - ع2 (1390هـ/ 1971م).

رابعًا: أعمال المؤتمرات والندوات والاجتماعات:
1- المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي/ فرانسوا ديروش؛ ترجمة أيمن فؤاد سيد؛ عرض وتحليل عصام محمد الشنطي - في ندوة ثقافية من سلسلة ندوات معرض الكتاب الدولي - القاهرة، يناير 2006م.
2- شروح إصلاح المنطلق؛ لابن السكيت - في المؤتمر الدولي الثالث لمركز المخطوطات: المخطوطات الشارحة - الإسكندرية: مكتبة الإسكندرية، 7- 9 مارس 2006م.
3- مخطوطات الفلك المغاربية في معهد المخطوطات العربية - في الملتقى المغاربي الثالث للمخطوطات: المخطوطات العلمية - الجزائر (العاصمة): جامعة الجزائر، (مخبر1 رقم 31)، 26 - 28 نوفمبر 2005م.
4- جزء نادر من معجم البكري عليه توقيعات الطالوي والدكالي - في المؤتمر الدولي الثاني لمركز المخطوطات: المخطوطات الموقعة - الإسكندرية: مكتبة الإسكندرية، 26 - 28 إبريل 2005م.
5- مخطوطات "جامع المفردات" في العالم - في الندوة الدولية الأولى حول العالم العربي ابن البيطار، حلب: جامعة حلب، 10 - 14 إبريل 2005م.
6- رسالة الجاحظ في مدح الكتب والحث على جمعها في المؤتمر الدولي الأول لمركز المخطوطات، المخطوطات الألفية - الإسكندرية، مكتبة الإسكندرية، 26 - 28 سبتمبر 2004م.
7- منهج إحسان عباس في التحقيق، قراءة في رسالة التعزية؛ لأبي العلاء المعري - في احتفالية شوامخ المحققين - القاهرة، دار الكتب والوثائق القومية: مركز تحقيق التراث، 21 سبتمبر 2004م.
8- داء العشق ودواؤه عند الأنطاكي: قراءة في "تزيين الأسواق" - في ندوة الأنطاكي - حلب: جامعة حلب، 6 - 8 يونيه 2004م.
9- إحسان عباس وأولى تجاربه مع التحقيق - في ندوة إحسان عباس - عمان: وزارة الثقافة الأردنية، 29 - 30 يونيه 2004م.
10- جهود المنجد في خدمة التُّراث - في احتفالية شوامخ المحققين - القاهرة، دار الكتب والوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، 17 فبراير 2004م.
11- رحلات حمد الجاسر للبحث عن التراث: موجز - في احتفالية شوامخ المحققين - القاهرة، دار الكتب والوثائق القومية، مركز تحقيق التُّراث، 16 سبتمبر 2003م.
12- تعقيب على بَحْث: تاريخ المخطوطات في العراق؛ لأسامة ناصر النقشبندي، في الاجتماع الخامس لأنشطة الهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي - القاهرة، معْهد المخطوطات العربية، 20 - 30 أكتوبر 2002م.
13- تعقيب على بحث: نحو علم مخطوطات عربي: التجربة الغربية؛ لأحمد شوقي بنين - في الاجتماع الخامس لأنشطة الهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 20 - 30 أكتوبر 2002م.
14- المواقع الحرجة للتراث العربي المخطوط في العالم - في الاجتماعين الثالث والرابع للهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2002م.
15- تراث العرَب السياسي في المشرق: قِمَم وتحولات - في ندوة قضايا المخطوطات (5) - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2002م.
16- جُهُود مُبكرة في التعريف بمخطوطات فلسطين، في ندوة قضايا المخطوطات (4) - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2001م.
17- جهود المؤسسات العربية في خدمة التراث العلمي - في ندوة قضايا المخطوطات (3) - القاهرة، معهد المخطوطات، 2000م.
18- أول المخطوطة وآخرها في ندوة قضايا المخطوطات (2) - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1999م.
19- تجربة معهد المخطوطات في الفهرسة - في ندوة قضايا المخطوطات (1) - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1998م.
20- مشكلة فهرسة المخطوطات: البحث عن حل - في الاجتماع الثاني للهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي - القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1997م.
21- قضية التعريف بالمخطوطات الجهود المبذولة، وأوجه القصور في ندوة العيد الذهبي لمعهد المخطوطات العربية، القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1996م.
22- فهْرسة المخطوطات العربية وتصنيفها: واقعها وآفاق العمل حولها - في أعمال المؤتمر الأول للوثائق والمخطوطات في ليبيا (زليطن) - طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 1992م - جزآن، وفيه تعليق حول تصحيح معلومة تتصل بمنهجية تحقيق النصوص، وأيضًا كلمة ختامية نيابة عن الوفود المدعوة من خارج ليبيا.
23- المخطوطات العربية: أماكنها، الاشتغال بها، فهرستها وتصنيفها ومشكلاتها - في ندوة المخطوطات العربية في الغرب الإسلامي: وضعية المجموعات وآفاق البحث - الدار البيضاء: مؤسسة الملك عبدالعزيز، 1990م. "

خامسًا: المحاضرات:
1- "أمسية شعريَّة في نُصْرة العربيَّة"، محاضرة بمناسبة 2006 عام اللغة العربيَّة برعاية ساقية عبدالمنعم الصاوي، القاهرة (الزمالك)، مساء الاثنين 13 مارس (آذار) 2006.
2- "التُّراث العرَبي المخطوط في العالم"، محاضرة ألقيت في كلية دار العلوم جامعة القاهرة، في 13 مارس 2001، ونال بها درع الكلية.
3- "المخطوطات العربية: أماكنها والاشتغال بها" محاضرة في الجمعية التاريخية، جامعة الكويت (كلية الآداب)، 16 مارس (آذار) 1986.

سادسًا: الأحاديث الصحفية والإذاعية والتليفزيونية:
1- سلسلة أحاديث بُثَّت حلقاتُها من تلفاز قناة "المجد" الفضائية بدُبَي، عام 2005، حول خمسة موضوعات في مخطوطات عربية.
2- سلسلة أحاديث بثت حلقاتها من تلفاز قناة "المجد" الفضائية بدبي، عام 2004، حول ثمانية موضوعات في مخطوطات عربية.
3- سلسلة أحاديث بثت حلقاتها من تلفاز دبي، عام 1992، حول سبع مخطوطات عربية.
4- ماثيو أرنولد والصهيونية، صحيفة الرأي الأردنية، ع7966، 1992م.
5- مقالات أدبية وتاريخية واجتماعية، في صحف ومجلات أردنية، منها صحيفة الدفاع، وصحيفة الرأي، وصحيفة الشعب، وأحاديث في الإذاعة الأردنية في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي.

الخلاصة:
يتَّضح مما سبق أن للأستاذ عصام الشنطي رصيدًا متنوعًا من الإنتاج الفكري الصادر بأوعية المعلومات المختلفة التي أثرى بها المكتبة العربية، كما هو مُبَيَّن بالشكل.

وهكذا يتَّضح منَ الشكل الذي عرضناه تميز هذا الإنتاج من الكتب، ومقالات الدوريات، وفهارس المخطوطات، وأعمال الندوات والمؤتمرات، والمقالات واللقاءات الصحفية والإذاعية والتليفزيونية، إن هذا الإنجاز يتجاوز التنوُّع في أوعية المعلومات إلى اختلاف في محتويات هذه الأوعية، فقد ألف في عدد كبير من المجالات والموضوعات، مع ما نلحظه من تميز علمي خاص موصول بصنع فهارس المخطوطات من ناحيتي الكم والنوع، فقد بلغت فهارسه التي صنعها بمفرده ما يتجاوز العشرة عدًّا، ونحن نعلم أن هذا العمل يحتاج إلى كثير من الصبْر والأناة، كما يحتاج إلى ثقافةٍ تراثيةٍ واسعة، وأن كثيرًا يعزفون عنه لما يتطلب من جهد لا يعدل المكافأة عليه.

أما التنوع فقد رسخ في فهارسه منهج الفهرسة الوصفية تطبيقًا، وفي بُحُوثه تأصيلاً وتنظيرًا، بعيدًا عن منهج الأدلة القاصر، والمنهج التحليلي الذي لا يساوي نفعه الجهد المبذول فيه، والتمويل السخي المرجو، وقد طال مكثه في هذا العلم، وقضى السنين الطوال فيه، وتعمقتْ تجربته، فاستحق لقب "شيخ مفهرسي المخطوطات"، بجدارة واقتدار.

ونلحظ أخيرًا أنه يغلب على إنجازاته الحس العربي النابض بمشكلات الأمة العربية الثقافية الراهنة، المدرك لأهمية الدور العربي في الحضارة البشرية فيما مضى، والذي يحاول إقامة جسر من التواصُل بين العطاء الفكري العربي الذي أنار العالم، وعمر ربوعه بالضياء، وبين الفكر العربي الحاضر، وذلك من خلال التعريف بتراث الأمة الحضاري، والكشف عن مخبآت كنوزه.

أهم مراجع البحث:
1- آمال عبدالمجيد فوزي. العطاء الفكري، للأستاذة أغادير محمود تايب، مجلة الفهرست، 12 (أكتوبر 2005) ص39 – 55.
2- آمنة أيوب خليل. طاهر الجزائري ودوره في الحركة المكتبية في ولاية سورية، العربية 3000، س2، ع3 (2001)، ص227 – 245.
3- محمد فتحي عبدالهادي، فيصل الحفيان. الفهارس المفصلة لمجلة معهد المخطوطات العربية: 1955 – 2000، القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 2001 – (كشافات تراثية، 4).
4- مقابلات شخصية مع الأستاذ عصام الشنطي، مع الانتفاع بأوراق خطية أفادت في تحرير هذه السيرة.

 

الخميس، 28 يوليو 2016

لماذا الشناقطة يحفظون ؟

لماذا الشناقطة يحفظون ؟
محمود بن محمد المختار الشنقيطي
كثيرون أولئك الذين يَبْتدرونني بهذا السؤال حين يَضُمني وإياهم مجلسٌ ،
فيدور الحديث حول مسألة الحفظ باعتبارها من أهم قضايا طلب العلم الشرعي ،
فيسألونني عن أسباب ظاهرة قوة الحفظ عند قومي ، ولماذا كانت أهمّ سمةٍ في
علماء الشناقطة الذين رحلوا إلى المشرق واتصلوا بالأوساط العلمية القوة الفذة
والقدرة الفائقة على استحضار النصوص ؟ ويسألونني عن أعجب ما بلغني من
أخبار عن نوادر الحفاظ في الشناقطة .
وكنت أجيب بما يناسب مقام كل مجلس ويفيد منه الحاضرون ، دون تقص أو
تعمد بحثٍ عن الإجابة على هذه القضية ، وحين كتب الله لي أول زيارةٍ العام
المنصرم لبلاد الآباء والأجداد (شنقيط) ، ووقفت على بعض المحاظر الحية القائمة
على أطلال ورسوم المحاظر [1]  العتيقة ، وحظيت بلقاء أجلة فضلاء من علماء
الشناقطة [2]  ، أدركوا أواخر نهضة علمية ، كان من أبرز سماتها اعتمادها على
حفظ الصدور لما وجد في السطور ، وأن العلم هو ما حصل في الصدر ووعته
الذاكرة متناً ومعنى ، حتى غدا من أمثالهم التي تعبر عن هذا المعنى : (القراية في
الرّاسْ ماهُ في فاس ولا مكناس) أي العلم المعتبر هو ما في حفظك ، وليس في كثرة
الذهاب إلى المدن الحضارية ومؤسسات التعليم فيها . حين كتب الله لي تلك الزيارة
كان مما يدور في خلدي الجواب عن السؤال المتقدم من واقع تجربة طلاب العلم في
تلك المحاظر ، فتجمعت عندي طرق كانت وراء تيسير الله للشناقطة ملكة حفظ
نادرة ، وطاقة ذهنية عالية جعلتهم يفخرون في ثقة واعتزاز بقدراتهم على استذكار
عشرات الكتب ، وجعلت العلامة سيدي محمد ابن العلاّمة سيدي عبد الله ابن الحاج
إبراهيم العلوي رحمه الله (ت 1250ه) يقول : (إن علوم المذاهب الأربعة لو رمي
بجميع مراجعها في البحر لتمكنت أنا وتلميذي ألْفَغّ الديماني من إعادتها دون زيدٍ أو
نقصان ، هو يحمل المتن وأنا أمسك الشروح) [3]  .
وجعلت العلاّمة محمد محمود التّرْكُزي رحمه الله ت عام (1322ه) يزهو
بحافظته متحدياً الأزهريين بأنه أحق بإمامة اللغة والاجتهاد فيها منهم ؛ لأنه يحفظ
القاموس كحفظه الفاتحة ، فاستبعدوا ذلك وعقدوا له مجلساً بالأزهر ، فكان كما قال ،
فأقرّوا له وصاروا يصححون نسخهم من نسخة التركزي رحمه الله المحفوظة في
صدره [4]  .
وقبل أن أتحفك أخي القارئ بشيء من طرقهم وأساليبهم في الحفظ تتضمن
الإجابة عن السؤال المتقدم ، أتحفك بأخبار القوم ونوادرهم في الحفظ ، مما وجدته
مسطوراً في كتب التراجم ، أو محكياً على ألسنة الرواة ، وسيتملكك العجب ،
وتعتريك الدهشة لسماعه ، وتجزم معي بأن ما حباهم الله به من ذاكرة فذة ، وقدرة
على استحضار النصوص ربما لا توجد إلا في ذاكرة الحاسب الآلي ، حتى صارت
حكاياتهم في الحفظ غريبة تشبه الأساطير وما يجري مجرى خوارق العادات .
فمن ذلك ما ذُكر في ترجمة العلاّمة عبد الله بن عتيق اليعقوبي رحمه الله ،
(ت عام 1339هـ) ، أنه كان يحفظ لسان العرب لابن منظور [5]  .
وكان الغلام في قبيلة مُدْلِشْ يحفظ (المدوّنة) في فقه الإمام مالك قبل بلوغه ،
وكانت توجد في قبيلة (جكانت) ثلاثمائة جارية تحفظ الموطأ فضلاً عن غيره من
المتون ، وفضلاً عن الرجال ، ولهذا قيل : العلم جكني [6]  .
وروي عن الشيخ سيد المختار ابن الشيخ سيدي محمد ابن الشيخ أحمد بن
سليمان (ت 1397م) حِفظ كثير من كتب المراجع مثل : فتح الباري ، والإتقان
للسيوطي ، غير المتون والكتب التي تُدرّس في المحظرة [7]  .
ومن العجيب ما تجده من محفوظات فقهائهم غير متون الفقه والأصول وما
يتعلق بالتخصص ، فهذا قاضي (ولاته) وإمامها سيدي أحمد الولي بن أبي بكر
المحجوب كان يحفظ مقامات الحريري ، وليست من فنون القضاء ولا الفقه ،
وسمعتها عن الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب الأضواء رحمة الله
عليه [8]  .
وأما المتخصص في الأدب والشعر فلا يحفظ أقلّ من ألف بيت في كل بحر
من بحور الشعر العملية ؛ حتى تتهيأ له ملكة أدبية لينظم أو ينثر ما يريد .
فهذا العلامة الأديب محمد محمود بن أحمذيه [9]  الحسني رحمه الله ، كان
يحفظ في الأدب وحده مقامات الحريري ، والمستطرف ، وكامل المبرد ، والوسيط
في أدباء شنقيط ، وديوان المتنبي ، وديوان أبي تمام ، وديوان البحتري ؛ هذا في
الأدب وحده دون غيره من فنون ومتون المنهاج الدراسي المحظري [10] .
ومن نوادر نساء الشناقطة في قوة الحفظ ما حدّث به العلاّمة محمد سالم بن
عبد الودود أن أمه مريم بنت اللاّعمة كانت تحفظ القاموس ، وقد استوعبته بطريقة
غريبة ، حيث كان والدها يرسلها من حين لآخر إلى خيمة أحد علماء الحي تنظر له
معنى كلمة في القاموس وكان هذا العالم ضاناً بنسخته لا يعيرها فكانت البنت تحفظ
معنى الكلمة وتعود بها إلى والدها وهكذا حتى حفظت مادة القاموس كلها . وإن
تعجب أخي القارئ من المتقدمين فلعل ممن أدركنا من المعاصرين الأحياء من
يماثلهم في الحفظ ؛ فمن ذلك ما حدثني به والدي حفظه الله قال لي يا بني : لقد كنا
أيام طلبنا للفقه عند شيخنا الفقيه عبد الرحمن  ولد الداهي ، نتسابق في ختم
المختصر ليالي الجمع فيستفتح من (يقول الفقير المضطر) بداية الكتاب فلا يطلع
الفجر إلا وقد ختمناه لا نشكك إلا في مواطن قليلة في أقفاف [11] السفر نكرر ذكر
ذلك مرات ، وممن أدركناه من الأحياء العلامة الشيخ أحمدّو بن العلامة الشيخ محمد
حامد بن آلاّ الحسني نزيل المدينة النبوية متع الله ببقائه .
ولا أبالغ إن قلت : إن ما في صدره من العلم لو جلس يمليه عاماً كاملاً لما
كرر ولا أعاد منه شيئاً ؛ فمن محفوظاته في النحو والصرف طرة [12] ، ابن بونة
على الاحمرار [13]  يحفظها بنصها ، وطرة الحسن بن زين على احمراره للامية
الأفعال لابن مالك أيضاً ، والمقصور والممدود لابن مالك مع شواهده وهي تقرب
من ألفي بيت ، وضوابط وشواهد على مسائل ألفية ابن مالك بعضها له وبعضها
لوالده ولبعض العلماء الشناقطة تبلغ نحواً من ثلاثة آلاف بيت ، إضافة إلى بعضٍ
من ألفية السيوطي في النحو .
وفي غريب اللغة نظم ابن المرَحّلْ ، ونظم أبو بكر الشنقيطي كثيراً من مواد
القاموس ، وجل شواهد الغريب من تفسير القرطبي ، ومثلث ابن مالك وهو يبلغ
ثلاثة آلاف بيت مع شواهده . إلخ من العلوم والفنون ...
ومن المعاصرين الحفاظ أيضاً صاحب المحضرة العامرة العلامة محمد الحسن
بن الخديم وقد حدثني بعض تلامذته أنه يحفظ النص من مرتين فقط ، وأنه لا يكاد
يوجد فن إلا ويحفظ فيه ألفيةً ؛ حتى في الطب والعقيدة والقواعد الفقهية والقضاء ،
وأنه يحفظ كثيراً من كتاب سيبويه وتمنى لو جاءه في الصغر [14] .
ومن النساء المعاصرات : العالمة المفتية الفقيهة مريم بنت حين الجكنية والدة
الشيخ عبد الله بن الإمام ، حدثني بعض تلامذة ابنها أنها كانت تشرح له في ألفية
ابن مالك إذا لم يكن ابنها في البيت ، ورويت عن قريبات لي أنها تحفظ كثيراً من
المتون الفقهية وتفتي النساء في الحج والحيض ، ولها ألفية في السيرة  ولها
منظومات فقهية لبعض المسائل والنوازل . وهذه نتف مما وقفت عليه لعل فيها ما
يذكي الحماس لدى طلاب العلم المعاصرين .
طرق الحفظ لدى الشناقطة :
ولهم في الحفظ وسائل وطرق أجملها فيما يلي :
أولاً : التعليم الزّمَرِيّ أو ما يسمى بلغة المحاظر (الدولة) وهو دراسة جماعية
يشترك فيها مجموعة من الطلبة متقاربي المستويات يقع اختيارهم على متن واحد
يدرسونه معاً ، حصةً حصةً ، يتعاونون على تكراره واستظهار معانيه [15] ،
يتحاجون فيه ، ويُنَشّط بعضهم بعضاً على المواصلة والاستمرار ومدافعة السآمة
والملل . أذكر وأنا في المرحلة (المتوسطة الإعدادية) أنني أدركت مجموعة من
طلاب العلم الشناقطة ( دولة ) في المسجد النبوي في شعر المعلقات .
ثانياً : تقسيم المتن إلى أجزاء وهو ما يعرف بلغة المحاظر (الأقفاف) مفردها:
قُفّ . والمشهور في المحاظر أن متوسط درس أو قف المتن المنظوم خمسة أبيات
لا يزيد عليها إلا المبرزون الأذكياء . وأما المتون المنثورة فيتعارف أهل المحاظر
على تقسيم شائع بينهم ، فمثلاً مختصر العلامة الشيخ خليل عندهم ثلاثمائة
وستون [16]  قفاً ، ولا تخفى فائدة هذا التقسيم للمتن المراد حفظه ، فيعرف الطالب
مواضع الصعوبة من السهولة فيحتاط في المراجعة والتكرار ، كما أن تخزين
المادة في الذاكرة مرتبة منتظمة أيسر في استظهارها واسترجاعها .
ويرى الشناقطة وهم مضرب المثل في قوة الحافظة والذكاء أن (القف) الكثير
لا يستطيع استيعابه مع الاحتفاظ به في الذاكرة إلا قلة من الحفاظ ولذلك عمدوا إلى
تجزئة كل متن .
وسارت عندهم هذه العبارات مسار المثل : (قفْ أف) أي أنه بمثابة الريح
(أف اسم صوت) يمر عابراً فلا يستقر منه شيء في الذاكرة .
(نص لا بُدّ الُ يْخصّ) أي أن النصف لا يمكن الاحتفاظ به جملة فلا بد أن
ينسى قارئه بعضه أو يعجز عن استيعابه أصلاً .
(الثلث يوترث) أي أن ثلث القف يعلق بالذاكرة فلا ينساه قارئه حتى يموت
كأنه يورث من بعده [17]  .
ثالثاً : وحدة المتن واستيفاؤه : فينصحون الطالب أن يشتغل بدراسة متن واحد
يفرغ قلبه له ، ويستجمع قوته لحفظه ولا يجمع إليه غيره ، ولا ينتقل عنه حتى
يستوفي دراسته كله ، بل يرون أن جمع متنين معاً يحد من قدرة الطالب على
الاستيعاب فيظل جهده الذهني موزعاً بين عدة متون لا يكاد يتقن أياً منها ، كما أن
بتر المتن دون حفظه كله يضيع جهد الدارس هباءً ، وينم عن كسل وقصور في
همة الطالب ، ويمثلون لمن يروم حفظ نصين في وقت واحد بالتوأمين ؛ فلا سبيل
إلى خروجهما معاً في آن واحد ، بل لا بد أن يسبق أحدهما الآخر ، ونظموا هذا
المبدأ بقولهم :
وإن تُرد تحصيلَ فَنّ تَمّمهْ      وعن سواهُ قبل الانتهاءِ مَه
وفي ترادف الفنون المنعُ جا      إذ توأمان اجتمعا لن يخرجا [18]
رابعاً : صياغة المتن المنثور نظماً :
لقد وظف الشناقطة ملكَة الشعر كثيراً في تيسير العلوم للحفظ ، وضمان حظ
أوفر من القبول والبقاء له ، ولذا غلبت الصبغة النظمية في نظام الدرس المحظري .
وكما هو معلوم فإن النظم أسهل حفظاً واستحضاراً من النثر ، قال ابن معط رحمه
الله في خطبة ألفيّة في النحو :
لعلمهم بأن حفظ النظم      وفق الذكي والبعيد الفهم
لا سيما مشطور بحر الرّجز      إذا بُني على ازدواج موجز
وفي المحضرة قلّ أن تجد متناً يُدرس في فن إلا وجدت من نظمه حتى يسهل
حفظه على الطلاب ، فمن ذلك [19] أن أبا بكر بن الطفيل التشيتي رحمه الله
(ت 1116هـ) نظم كتاب (قطر الندى) لابن هشام رحمه الله .
والعلامة محمد المامي الشمشوي رحمه الله (ت 1282هـ) عقد كتاب
الأحكام السلطانية للماوردي بنظم سماه ( زهر الرياض الورقية في عقد الأحكام
الماوردية ) .
والعلامة الأديب عبد الله بن أحمد أُبّه الحسني نظم كتاب (مجمع الأمثال)
للميداني .
خامساً : تركيزهم على بداية الحفظ والمراجعة المستمرة للمحفوظ ، فعدد
تكرار الطالب المتوسط للقدر المراد حفظه من مائة مرة إلى ألف مرة ، ويسمونه
بلغة المحاضر (أَقَبّاد) فيجلس طالب العلم يكرر لوحة بصوت مرتفع في
الصباح [20] ثم يعود إليه بعد الظهر ثم بعد المغرب ثم من الغد يبدأ بمراجعته
وتسميعه قبل أن يبدأ في درس جديد ، وهكذا يفعل مع الدرس الجديد وفي نهاية
الأسبوع تكون مراجعة لما حفظ من بداية الأسبوع مع ما قبله من المتن حتى ينتهي
من المتن بهذه الطريقة ، ثم يأخذ متناً آخر وتصبح لهذا المتن الأول ختمة أسبوعية
يمر عليه كله ، وبعد تثبيته في الذاكرة ومزاحمة غيره له ، لا يصل الإهمال
والانشغال أن يترك ختمة شهرية للمتن ، وأعرف من المشايخ في المدينة
النبوية من عنده ختمة أسبوعية للألفية ولمختصر خليل وختمة شهرية للمتون
القصيرة كـ (لامية الأفعال) في الصرف لابن مالك والبيقونية والرحبية
وبلوغ المرام وغيرها .
سادساً : حفظ النص قبل الحضور إلى الشيخ ليشرحه ، وهذه من أهم الطرق
التي تعين الطالب على متابعة الحفظ دون انقطاع أو تأخر ، وكان شيخنا الشيخ سيد
أحمد بن المعلوم البصادي رحمه الله لا يشرح لأي طالب نصاً حتى يسمعه منه غيباً ،
فيبدأ الشيخ في شرحه وتفكيك ما استغلق على الطالب فهمه .
سابعاً : لا يحفظ الطالب إلا ما يحتاجه ويمارسه في حياته من العلوم
والأبواب في الفن . فالطالب إذا كان يقرأ مختصراً فقهياً مثلاً ، وبلغ في المتن
كتاب الحج ، ولم يكن من أهل الوجوب والاستطاعة فإنه يتعداه إلى غيره وهكذا
في أبواب الفرائض والقضاء والجهاد وقِس على ذلك بقية الأبواب في الفنون
المختلفة .
ثامناً : تأثر البيئة بالحركة العلمية : فقد خالط حفظ العلم في بلاد شنقيط حياة
الناس هناك ؛ ففي بلاد الزوايا [21] ، يعتبرون من تقصير الأب في حق ابنه إذا
بلغ وهو لا يحفظ القرآن حفظاً متقناً ولا يعرف من الأحكام ما يقيم به عباداته ، ولا
من العربية ما يصلح به لسانه ، بل ينظرون إليه نظرة ازدراء واحتقار وأنه قد عق
ابنه وقصّر في تربيته . وكان من عادة أهل الشيخ القاضي (اجيجبه) أن لا
يتسرول [22] الشاب منهم حتى يتم دراسة مختصر خليل ، فحفظ المختصر عندهم
شرط معتبر للرجولة وسمة للنضج .
وتجد أمثال العامة ومخاطباتهم خارج حلقات الدرس قد صبغت بلون المتون
السائدة ؛ فمن أمثالهم إذا أرادوا وصف الشيء بأنه بلغ إلى منتهاه يقولون : (لا حِق
فلا إشكال) أي وصل في كذا إلى ذروته وعبارة (لاحق فلا إشكال) هي آخر جملة
في مختصر الشيخ خليل .
ومن أمثالهم قولهم : (وحَذْفُ ما يُعلم جائز) وهو جزء من بيت من خلاصة
ابن مالك في الألفية .
تاسعاً : عقد مجالس للمذاكرة والإنشاد والألغاز في العطلة المحضرية . وهي
عطلة نهاية الأسبوع العمرية (الخميس وجناحاه مساء الأربعاء وصباح الجمعة) .
فيعقد طلاب (الدولة) أو المنتهون مجالس السمر وغالباً تكون ليلة الخميس أو
الجمعة يتذاكرون فيها ما درس خلال الأسبوع ويتبارون في تجويد حفظه وإتقانه ،
أو يحددون باباً أو فصلاً من كتاب يتحاجون فيه ، وأعرف عدة مجالس في المدينة
المنورة عقدت لهذا الغرض منها مجالس لبعض النساء عَقَدْنَهُ لمذاكرة حفظ القرآن
والفقه والسيرة النبوية ، ومن ذلك ما يُروى أن محمد بن العباس الحسني وهو راوية
شعر ادعى ليلة في مجلس سمر أنه لا يسمع بيتاً من الشعر إلاّ روى القطعة التي
هو منها ، وذكر الكتاب الذي توجد فيه ، فتصدى له حبيب ابن أمين أحد تلامذة
العلامة حُرْمة بن عبد الجليل رحمة الله على الجميع فسأله من القائل :
لو كنت أبكي على شيء لأبكاني      عصر تصرّم لي في دير غسّانِ
فقال ابن العباس : نسيت قائل هذا البيت وهو من قطعة أعرفها في حماسة
أبي تمام ، فدعي بالكتاب ، وقلب ورقة ورقة ، فلم توجد فيه فقال لهم حبيب :
هاهي بقية الأبيات وذكرها :
دير حوى من (ثمار) الشام أودها      وساكنوه لعمري خير سكان
دهراً يدير علينا الراح كل رشا      خمصان غض بزنديه سُواران
وقال : إن القطعة من إنشائه ، نظمها تعجيزاً لزميله ، وساق دليلاً على صحة
قوله أن دير غسان لا وجود له في أديرة العرب .
كان شيخ المحضرة الفقيه اللغوي الشاعر حرمة بن عبد الجليل
(ت 1234 هـ) رحمه الله حاضراً فالتفت إلى تلميذه حبيب وأنشأ على
البديهة :
لله درك يا غليّم من فتى      سن الغليم في ذكاء الأشيب
لستَ الصغير إذا تَنِدّ شريدةٌ      وإذا تذاكر فتيةٌ في موكب
إن الكواكب في العيون صغيرة      والأرض تصغر عن بساط الكوكب [23]
عاشراً : اغتنام لحظات السحر في تثبيت الحفظ ، فلا تكاد تجد طالباً من
طلاب المحضرة في وقت السحر نائماً بل يزجرون عن النوم في هذا الوقت .
حدثني الوالد حفظه الله قال : كان إذا صعب علينا حفظ شيء انتظرنا به
السحر فيسهله الله علينا ، ولا ريب أنها لحظات مباركة ؛ لأنها وقت النزول الإلهي ،
ووقت الهبات والأعطيات [24] . وساعات السحر هي لحظات الإدلاج التي
أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسير إلى الله فيها كما في صحيح البخاري
رحمه الله (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدّلجة) وهي سير آخر
الليل [25]  .
وذكر أهل العلم بالتفسير آثاراً عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عن
الجميع في انتظار يعقوب عليه السلام لزمان الإجابة حين قال له أبناؤه : يَا أَبَانَا
اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ [يوسف : 97] فقال : قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ
رَبِّي إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ [يوسف : 98] أنه أخّرهم إلى وقت السحر [26]  .
وضابط وَقت السحر على الصحيح أنه قبل طلوع الفجر بساعة تقريباً على ما
حققه الحافظ رحمه الله في الفتح .
وبعدُ .. أخي القارئ الكريم :
بهذه العوامل والأسباب خطف علماء الشناقطة المتجولون الأضواء ، وبهذه
الطرق والأساليب في الحفظ بزّوا غيرهم في العلوم التي شاركوهم فيها ، فهل تجد
في هذه الإجابة المقتضبة ما يشحذ همتك ويحرك إرادتك ويكون مثالاً لك تحتذيه ،
ويستحثك لجعل الحفظ أهم طرق العلم الشرعي ؟ ! ذلك ما كنا نبغي ، وفضل الله
واسع ، وكم ترك الأول للآخر وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ [المطففين : 26] .
وصلى الله وسلم وبارك على النبي وعلى آله وصحبه أجمعين .
________________________
(1) المحظرة : وأقرب تعريف لها : (أنها مؤسسة تعليمية بدوية متنقلة ، تكون متخصصة في فن
معين ، وأحياناً شاملة جامعة لشتى العلوم الشرعية ، تضم جماعة من الطلاب مختلفة أعمارهم تحيا
حياة اجتماعية بسيطة ، هدفها التفقه في الدين ، وتحصيل التقوى والخلق الكريم ، يديرها معلم في
فن أو فنون يسهر على التدريس فيها ، ورعاية هدفها حسبة ، وربما ضم إلى مهام التدريس إمامة
وقضاء القرية أو البلدة ويُلقب (بالمرابط) ؛ ولعلها جاءت من رباط المرابطين الذين كان رباطهم النواة
الأولى للمحاظر وقد يلقب : (طالبنا) ولعلها من طالب العلم ، وأصل الكلمة : (محضرة) وردت في
لسان العرب ، وفي كتب الأندلسيين والمغاربة ، منها كتاب المعيار المعرب ، ورحلة ابن جبير ، وفي
أبيات ابن حزم المشهورة : (مناي من الدنيا علوم أبثها) وهي تفارق من وجوه مصطلح الكُتّاب أو
الخلوات أو الزاوية في بعض البلدان الإسلامية اهـ ، بتصرف من (دور المحاظر في موريتانيا) بحث
تخرج مقدم للمعهد العالي الإسلامي بنواكشوط عام 1405هـ إعداد محمد المصطفى بن الندى ، ومن
(بلاد شنقيط المنارة والرباط) بحث موسع مقدم للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن المحاظر
في موريتانيا للأستاذ الخليل النحوي ، طبع بتونس عام 1987م ، و (السلفية وأعلامها في موريتانيا)
للطيب بن عمر الحسين ، ص87 ، ط الأولى عام 1416هـ وأبيات ابن حزم التي ذكر فيها المحاظر
هي :         مناي من الدنيا علوم أبثها     وأنشرها في كل بادٍ وحاضرِ
دعاء إلى القرآن والسنن التي     تناسى رجال ذكرها في المحاضر
ديوان ابن حزم الظاهري ، 95 ، بتحقيق د رشاد ، ط الأولى .
(2) ممن تشرفت بلقائهم العلامة الفقيه الأديب ، الشاعر الأريب ، الموسوعي معالي الشيخ محمد بن
سالم بن عبد الودود ، من بيت علم عريق تقلد مناصب وزارية ، وعضوية بعض المجامع الفقهية في
مصر والمغرب والسعودية ، ومن أبرز مؤلفاته نظم كتاب مختصر خليل في أكثر من عشر آلاف بيت
قدم له بمقدمة ضمنها عقيدة أهل السنة والجماعة على خلاف السائد هناك من العقائد الأشعرية
والماتريدية .
(3) بتصرف : من بلاد (شنقيط المنارة والرباط) الخليل النحوي ، ص 231 ، ط الأولى ، تونس
1987م .
(4) العلامة اللغوي والشاعر الفذ الأبي محمد محمود بن التلاميد (بالدالة المهملة) ، انفرد في المشرق
باللغة والأنساب ، اتصل بالأوساط العلمية في الحجاز ومصر ، ممن ترجم له الزركلي في الأعلام ،
ولمعاصره وخصمه أحمد الأمين رحمه الله في الوسيط ترجمة له فيها تحامل عليه .
(5) معجم المؤلفين في القطر الشنقيطي) ، 68 ، تأليف سيدي محمد بن محمد عبد الله ولد بزيد ،
ط الأولى ، تونس ، 1996م .
(6) (موسوعة حياة موريتانيا) للمختار بن حامد رحمه الله ، ص 5 ، الجزء الثاني ، طبعة الدار
العربية للكتاب 1990م .
(7) بلاد شنقيط ، للخليل النحوي ، ص 233 .
(8) الغالب على علماء الشناقطة في القرآن وعلومه والفقه رواية الشعر وتذوقه وإنشاده فلو راجعت
كتاب (الوسيط في تراجم أدباء شنقيط) وكتاب : (الشعر والشعراء في موريتانيا) ، للدكتور محمد
المختار ولد أباه ؛ لوجدت معظم من تُرجم لهم من الشعراء هم علماء فقهاء .
(9) عالم وشاعر من بيت علم وأدب ، أخد عن بُلاّ الشقروي ، له مؤلفات منها طُرة على ألفية ابن
مالك ، ت1323م .
(10) بلاد شنقيط المنارة والرباط ، ص 231 .
(11) سيأتي الحديث عن تقسيم المحظر إلى أقفاف جمع قِف وهو اللوح والجزء من المتن بلغة
المحاظر والسفر والباب من أسماء أجزاء مختصر خليل .
(12) اشتهر بالطّرة وهو شرح نثري للعلامة اللغوي ابن بونة على ألفيته المتممة لألفية ابن مالك ؛
فصار الجميع 2080 ألفين وثمانين بيتاً ، وشرح الجميع بهذا الشرح النثري ويعرف بطرة ابن بونة
وبالجامع ، انظر للتعريف بالنحو الشنقيطي ومدارسه وكتبه ورجاله ما كتبه الأستاذ محمذن ولد أحمد
المحبوب في مجلة المنهل الأدبية السعودية العددان 547 ، 548 ، عام 1418هـ .
(13) ما يزيده المحشّي أو المعلق على المتن الأصلي يكتبونه باللون الأحمر تمييزاً له عن المتن
فيسمونه الاحمرار .
(14) العلامة محمد الحسن بن أحمد الخديم اليعقوبي الجوادي الشنقيطي ، له محظرة عريقة خرّجت
كثيراً من القضاة والأدباء المعاصرين ، ولا زال يدرس بها ، ترجم له بعض تلامذته ترجمة موسعة في
مقدمة كتابه (مرام المجتدي من شرح كفاف المبتدي) وهو شرح لنظم الكفاف في فقه المالكية لجده
العلامة مولود بن أحمد الجواد رحمه الله .
(15) بتصرف من : شنقيط المنارة والرباط ، ص 59 .
(16) والبعض يجعله ، 333 قفاً .
(17) بلاد شنقيط المنارة والرباط ، ص 200 .
(18) السلفية في موريتانيا ، ط الأولى ، ص 104 .
(19) معجم المؤلفين في القطر الشنقيطي ، وفيه كثير ممن نظم متوناً نثرية .
(20) مجلة الأمة القطرية ، العدد (60) ، ذي الحجة 1405هـ ، ص 54 .
(21) الزوايا : القبائل المختصة أو المهتمة بالعلم ، تعلماً وتعليماً ، ويقابلهم حسان وهم القبائل ذات
الشوكة والبأس .
(22) أي يلبس السروال .
(23) الشعر والشعراء في موريتانيا ، للدكتور محمد المختار ولد أباه ، تونس 1987م ، ص 36-37.
(24) كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ينزل
ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له) وصفة النزول هنا
في الحديث من الصفات الفعلية التي نقل عن السلف الإجماع على إثباتها حقيقة لله تعالى ، فهو
سبحانه ينزل لكل قوم في ثلث ليلتهم أي سدس الزمان ولا يخلو منه العرش جل شأنه وتقدست
أسماؤه ، فكما أن ذاته لا تشبه ذوات المخلوقين فكذلك صفاته ، كما قال جمهور السلف وقرر ذلك
شيخ الإسلام رحمه الله في غير ما موضع ، انظر شرح حديث النزول ضمن المجموع (5 31 132 ،
380 -396) .
(25) أورد الإمام ابن الأثير - رحمه الله - في النهاية (2/129) قول أمير المؤمنين علي رضي الله
عنه وأرضاه شاهداً على أن الإدلاج يكون في السحر
اصبر على السير والإدلاج في السحر     وفي الرواح على الحاجات والبكر .
(26) الدر المنثور (4/584) وتفسير الماوردي (3/79) .
 
(( مجلة البيان ـ العدد [‌ 135 ] صــ ‌ 100     ذو القعدة 1419  ـ  مارس 1999 ))