الأربعاء، 18 يونيو 2014

فضيحة مدوّية ، تعال و اقرأها !

فضيحة مدوّية ، تعال و اقرأها !



يا من دخلتَ إلى هذا المقال ِ يحدو ذهْـنَـه صيْدٌ ثمينٌ من الفضائح ، و حِرزٌ مكين من الأسرار المكتومة ، يطيرُ بها فرحاً ، و ينشرُها إلى الآفاق بـدون أدنـى تـَرَوّ ، أو أثارةٍ من تثبّتٍ شرعيّ !
 

أرْعـِني انتباهك لُحَيــظــاتٍ قليلاتٍ ، لن تخسرَ فيهنّ شيئاً ..
 

لا يخفى عليك - أخي المسلم - ما وصل إليه حال أغلب منتديات الإنترنت و مواقع التواصل و الحوار من انحدار ٍ ، و تدهور ٍ ، لا يُـرضي صاحبَ النفس الكريمة ، الغيورة ؛ فغـدا القاريء الذي ينشد ضالّته من العلم و الفائدة و الأدب ، لا يجد إلا مراتعَ الإسفاف ، و مباءاتِ البذاءة ، فيَـضطرّ مع مرور الأيّام أن يحنيَ للموجة رأسَـه ، و ما يلبث إلاّ أن يُجاريَها ، ثمّ يذوب في مائِـها الآسن ، لينتهيَ إلى سدىً أو لحمةٍ في هذا النسيج المهتريء المُـتمزّق ، إلا من رحِم ربّك !
 

أخي المسلم الفاضل ؛ أخاطب فيك دينك ، و خُلقَـك ، و مروءَتك ؛ فهل ترضى أن يقوم امرؤٌ بتطلّبِ عثراتِـك ، و التفتيش عن زلاّتك ، لينشرها على رؤوس الأشهاد في الشبكة العنكبوتيّة ؟
 

هل اتّخذتَ عندَ الله ِ عهداً ، ضمنتَ فيهِ ألاّ تكونَ أنتَ أو أحد أقربائكَ في يوم ٍ من الأيّام ِ تحت هذا المجهر ِ الفضائحيّ ؟
 

الجواب : لا ..
 

إذن ، يـا أخي الفاضِـل ، ما الذي جعلك تلهثُ وراء فضائح الناس ِ ، مُجتـهـداً في تصيّد عوراتِ المسلمين بهذه الصورةِ الدنيئةِ ، التي يربأ عنها رجالُ الجاهليّةِ الأولى ؟
 

ما الذي أحالَ منتدياتنا في الشبكة إلى صحافةٍ صفراء ؟
 

تلك الصحافة التي تذبح الحقيقة ، و تهتك المباديءَ الكريمةَ ، و تـتـقّمّم زبالاتِ الأخبار ِالمنتنةِ ، من أجل حفنةِ دراهم ، أو سبق ٍ صحافيّ ، و لو كان على أطلال الفضيلة ؟
 

إنّا و اللهِ لنربأ بكلّ مسلم ٍ أنْ ينحدرَ إلى هذا المنحدر السّـحـيـق ، و أن يكونَ ذبـابـاً لا يقع إلاّ على القيح ِ و الصديد ؛ بل المسلم شامخُ الرأس و الفكر ، سام ِ السريرةِ نقيّها ، فهو صقرٌ أجدل ، لا يُحلـّق إلاّ بين شاهقات القِـمَم ، ولا يستقرّ إلاّ على ذُرى الجبالِ الشامخة ، و يؤثِر الموْتَ مِنَ الطّــوَى ، على أنْ يـقْـتـاتَ مـنَ الجِـيَـف :
 

قلتُ للصّقر و هوَ في الجـوّ عال : *** اهـبـط الأرضَ فالهواء جديب
 
قالَ لي الصقر : في جناحي و عزمي *** و عنان السماء مرعىً خصيب
 
إن إحسانَ الظنّ بالناس هو الأصل الأصيل ، و هو المبدأ الذي ننطـلِق منه لتشخيص أي انحراف يطرأُ على الشخصيّة المسلمةٍ ، لذا سنُرجع هذا الدافع المُـلِحّ ، إلى غريزةٍ متجذّرةٍ في كيان النفس الإنسانية ؛ ألا و هي : غريزة " الفضول " !
 

و غريزة الفضول غريزةٌ جانحةٌ ، عاتيةٌ ، لكنّ دينَ اللهِ عالجَـها كما عالَجَ جميعَ الغرائز البشرية ؛ لم يُلغِها ، و لم يطلِق لها العنانَ ؛ بل هـذّبها ، و أطــّرَها ، و أفسحَ لها ميـداناً لـه حدودٌ ، و ضوابط ، لا تخرج عن دائرته ، فتُهلِك الإنسان !
 

نعم .. تُهلك الإنسان و توبـِقُـه ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلّم : " من أتى عرّافاً، فسأله عن شيءٍ ، لم تـُقبل له صلاة أربعين ليلة " ( رواه أبو داود ) ، و هل ذهب هذا المسلم إلا بدافع غريزة الفضول ، التي لم تُهذّب و تُوضعْ في أطارها الصحيح ؟
 

أخي المسلم ، إيّاك إيّاك أن يُهلِكَـك فضولُـك ، و يورِدَك الموارد ، فتَجْـني على نفسِك بنـفْسـِك ، فمن المُـطالبُ حينذاك ؛ و القتيلُ القاتلُ ؟‍‍‍!
 

إن اللهاث المسعور وراء فضيحة فلان أو علاّن في الشبكة ، لن يُضيفَ إلى رصيدك يوم القيامة سِوَى الحسرةِ و الندامةِ ، و لن يورثَ في نفسِك في الدنيا إلاّ الرغـبةَ المُلحّةَ في إفشاء هذا السر الذي يضطرم داخل صدرك و تُداريه ، و لن يقفَ حُسنُ النوايا مع تقادم الزمن و تعاقب الأيّام = سدّاً حائلاً دون نشره ، فإذا كتمته ؛ - و هذا مُستبعد في العادة - فلقد حمّلتَ نفسك شيئاً لا تطيقُـه ، و لا خيرَ فيه ، بل هو أمـرٌ في حقيقته : مَغـرَمٌ ، لا مَغـنمٌ !
 

أخي المسلم ، أُذكّرك في نهايةِ هذه الكلماتِ التي جاءت مِن أخيك عفـْوَ الخاطر و على غير رويّة و سابق ِ إعداد ، أُذكّرك بقولِ النبي صلى الله عليه و سلّم : " من ستَر على مُسلمٍ ، ستر الله عليه في الدنيا والآخرة " . ( رواه مسلم ) ، و من منّا يزهد في ستر الله و كنَفه الشريف ، في الـدنـيـا و الآخِـرة ؟

و لله درّ الشاعر الحكيم :
 

إذا شئتَ أن تحيا سليماً من الأذى **** و دينك موفورٌ و عِرضك صيـّن
 
فلا ينطِقْ منك اللسانُ بسوءةٍ **** فكلكَ عوراتٌ و للناس ألســـنُ

و عـيـنـاك إن أدّت إليك معايباً **** لقومٍ فقل : للنّـاس أعـيـن
 
أخـوكم الواثق بنصر الله
أنـــور بــاشـــا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق