منهج
المستشرق "توماس آرنولد"
في كتابه
"الدعوة إلى
الإسلام"
إعداد الطالب:
فهد عبد القادر عبد الله الهتار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه
أجمعين وبعد:
فهذا تقرير – موجز - عن منهج توماس آرنولد في كتابه " الدعوة إلى الإسلام"،
يتضمن ما يأتي :-
أولاً:
بيانات أساسية عن الكتاب.
ثانياً:
التعريف بالمؤلف.
ثالثاً:
دوافع تأليف الكتاب.
رابعاً :
موضوعات الكتاب.
خامساً :
منهج المؤلف في الكتاب.
سادساً :
دراسات وبحوث عن الكتاب.
سابعاً :
أخطاء وملاحظات في الكتاب.
أولاً : بيانات أساسية عن الكتاب : -
اسم الكتاب:
" الدعوة إلى الإسلام : بحث في تاريخ نشر العقيدة الإسلامية " .. كتب في طبعته
الأولى باللغة الإنجليزية
اسم المؤلف:
سير توماس . و. آرنولد .
ترجمة وتعليق :
د. حسن إبراهيم حسن د. عبد المجيد عابدين د. إسماعيل النحراوي.
الناشر:
مكتبة النهضة المصرية ، الطبعة الثالثة : 1971م.
الصفحات :
521 ص.
ثانياً : التعريف بالمؤلف :-
اسمه وسيرته العلمية والمهنية :-(
توماس وولكر آرنولدSir
Thomas Walker Arnold
ء (1864م-1930م)
ولد سير توماس . و. آرنولد . في إنجلترة في 19 أبريل سنة 1864م ، وتعلم أولاً في
مدرسة بلايموث الثانوية ، ومن ثم انتقل في سنة 1880م للدراسة في مدرسة (مدينة
لندن ) ، ثم التحق بكلية المجدلية في جامعة كمبردج في سنة 1882م ، حيث اجتذبته
الدراسات الشرقية تحت تأثير إدورد بيلس كورل ، ووليم روبرتسون اسمث ، وبعد أن
أنجز بنجاح دراسته في الكلاسيكيات أمضى السنة الرابعة في كمبردج – أيضاً – متوفرا
على دراسة تاريخ الإسلام .
وانتقل للعمل باحثاً في جامعة علي كرا (عليكرا) في الهند حيث أمضى هناك عشر سنوات
(1888- 1898م)، بعدها ترك آرنولد العمل في الهند في سنة 1904م ، وعاد
إلى لندن حيث شغل منصب نائب مدير المكتبة في " الديوان الهندي" في لندن ، وهو
مركز إداري يمثل إدارة مستعمرة الهند آنذاك ، وفي نفس الوقت كان يقوم بتدريس
اللغة العربية في الكلية الجامعية ( أقدم جامعة في جامعة لندن ).
وأنشئ في سنة 1909م منصب المستشار التربوي للطلبة الهنود في إنجلترة ، فتولى
أعباء هذا المنصب بإخلاص، وتقديراً لهذه الخدمات التي أسداها إلى تعليم الهنود في
إنجلترة منح لقب (
c.i.e)
في سنة 1912م ، ورتبة فارس في سنة 1921م عقب إحالته إلى التقاعد في نهاية 1920م .
ولما أسست " مدرسة الدراسات الشرقية " في جامعة لندن في سنة 1917م ، دعي آرنولد
للتدريس فيها، وكان أول من شعل كرسي اللغة العربية والدراسات الإسلامية كلها،
واستمر يعمل على تكوين وتثبيت دعائم قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في
تلك المدرسة حتى استوى هذا القسم وصار من المراكز الرئيسة للدراسات العربية
والإسلامية.
وفي أوائل سنة 1930م دعته الجامعة المصرية (جامعة القاهرة الآن) أستاذاً زائراً،
وبعد أن أمضى النصف الثاني من العام الجامعي 1929- 1930م في التدريس بقسم التاريخ
في الجامعة المصرية عاد إلى لندن في 25 مايو سنة 1930م ، لكنه ما لبث أن توفي في
9يونيو سنة 1930م، وهو في منزلة في كنسنجتون، إثر نوبة قلبية مفاجئة ، وهو في
السادسة والستين من عمره .
وفي السنوات الأخيرة من حياته منح ألقاباً تشريفية كثيرة منها: زميل شرفي لكلية
المجدلية في كمبردج سنة 1917م ، والدكتوراه الفخرية من جامعة براج
(تشيكوسلوفاكيا)، كما انتخب عضواً في الأكاديمية البريطانية ، وهي أعلى هيئة
علمية في بريطانيا وذلك في سنة 1926م
([1]).
إنتاجه العلمي واهتماهه بالدراسات العربية والإسلامية:-
كان لانشغال آرنولد بالأعمال الإدارية أثر في قلة إنتاجه العلمي ، حتى إن كتابه
:"الدعوة الإسلامية" ظل حتى سنة 1920م ، أي وهو في السادسو والخمسين من عمره،
الإنتاج العلمي الوحيد ذا القيمة، وقد أعيد طبعه في سنة 1913م في طبعة موسعة
ومنقحة، وترجم إلى اللغتين الأوردية والتركية، كما ترجم في الأربعينيات إلى اللغة
العربية.
وألف وهو لا يزال في الهند كتيباً صغيراً عن " المعتزلة " (سنة 1902م) ليس بذي
قيمة علمية تذكر.
وبمناسبة زوال الخلافة في سنة 1924م ألّف توماس آرنولد كتاباً بعنوان :"الخلافة"،
تتبع فيه تاريخ منصب الخلافة في الإسلام منذ الخلفاء الراشدين حتى إلغاء الخلافة
سنة 1924م على يد كمال أتاتورك، وعقب على ذلك بتلخيص لهذا الكتاب في كتيب صغير
جداً بعنوان:"الدين الإسلامي" (سنة 1928م) قصد به إلى الجمهور.
وكتب مادتي:"الاضطهاد" و " التسامح" في الإسلام، وذلك في " موسوعة الدين
والأخلاق"
وأداه ذلك إلى التفكير في كتابة كتاب موسع عن التسامح في الإسلام لكنه لم ينجز
هذا المشروع.
وكتب عدة مقالات تتعلق خصوصاً بالهند الإسلامية في " دائرة المعارف الإسلامية"
التي صار هو من هيئة مصدري الطبعة الإنجليزية لها ابتداءً من سنة 1910م.
وثمة جانب آخر في اهتمامات أرنولد ، وهو تاريخ التصوير في الإسلام، وفي هذا
المجال اشترك الشاعر والناقد الفني لورنس بنيون ( وهو أول محاضر عام باللغة
الإنجليزية استمعتُ إليه في قاعة الجمعية الجغرافية بالقاهرة في أواخر سنة 1934م
؛ إذ ألقى فيها 5 محاضرات عن الفن، وألقى بعض قصائده) في وضع مجلد بعنوان: "
الرسامون في بلاط المُغل الكبار" (سنة 1921م)، وتوج كتاباته عن التصوير عند
المسلمين بدراسة عميقة بعنوان:" التصوير في الإسلام"(سنة 1928م) عني فيه ببحث
القواعد الفنية للرسم عند الرسامين المسلمين، ولخص آراءه ضمن كتاب عام
بعنوان:"الكتاب الإسلامي"(سنة1929م)، شارك فيه المستشرق النمساوي أدولف جورهمان
المختص في أوراق البردي وفي تاريخ الفنون الإسلامية.
وآخر ما كتبه في تاريخ الفن الإسلامي هو دراسة عن :"بهزاد ورسومه في محطوط
ظفرنامه"( سنة 1930م) يم المحاضرات التي ألقاها في سنة 1928م عن العهدين القديم
والجديد في الفنون الدينية الإسلامية ، وقد نشر بعد وفاته في سنة 1932م
([2]).
ثالثا : دوافع تأليف كتاب:( الدعوة إلى الإسلام ):-
نستطيع أن نقف على الدوافع والأهداف التي تقف من وراء تأليف آرنولد لكتابه : (
الدعوة إلى الإسلام ) من خلال معرفة الظروف والبيئة الزمانية والمكانية التي سبقت
ورافقت تأليف هذا الكتاب ، بيان ذلك كالآتي:-
نظراً لاهتمام آرنولد بالدراسات الإسلامية فقد اختير لتدريس الفلسفة في كلية
عليكرة الإسلامية في المقاطعات المتحدة بشمالي الهند ، وأمضى في كلية عليكرة عشر
سنوات(1888- 1898م)،وهي فترة كانت ذات
تأثير بالغ في تشكيل نظرات توماس
آرنولد للإسلام .
إن
كلية عليكرة – وهي جامعة إسلامية كبيرة في الهند – قد أسسها سيد أحمد خان
بهدف إصلاح الإسلام عن طريق الجمع بين الثقافة الإسلامية والفكر العلمي المنهجي
في أوربا، وشارك آرنولد في هذه التجربة التوفيقية بين الإسلام والفكر
الأوربي الحديث بحماسة شديدة ، وراح يكّون تلاميذ من الإنجليز والهنود مشبعين
بهذا الاتجاه ، وفي سبيل ذلك راح يلبس الملابس الإسلامية المعتادة لدى المسلمين
الهنود ، وألّف داخل كلية عليكرة جمعية تدعة" أنجُمن انعْرض" (أي جمعية الواجب) ،
وصار أعضاؤها يهدفون إلى تجديد الإسلام على الأساس المذكور، أي الجمع بين الثقافة
الإسلامية والفكر
الأوربي الحديث
،وبهذه
الروح ألف أول كتبه المهمة ، وهو كتاب:" الدعوة إلى الإسلام " (سنة 1896م) .
في
سنة 1898م عين أستاذاً للفلسفة في الكلية الحكومية في مدينة لاهور ، وقد صارت
فيما بعد : جامعة لاهور، وكان أبرز من تتلمذوا عليه في هذه الكلية هو الشاعر
العظيم محمد إقبال اللاهوري صاحب فكرة إنشاء دولة مستقلة للمسلمين الهنود باسم :
باكستان ، وهي دولة باكستان التي أُسست في 15 أغسطس سنة 1947م بعد إعلان استقلال
الهند مقسمة إلى دولتين : الهند، وباكستان..([3])
.
-إذن- كان الدافع الأساسي لتأليف كتاب " الدعوة إلى الإسلام" هو دافع لفكرة (
تجديد الدين للجمع بينه وبين الفكر الأوربي الحديث) تحمس لها توماس آرنولد
كثيراً أملتها الظروف الحرجة للهند في تلك الفترة يوم أن كانت ترزح تحت الإحتلال
البريطاني وما يتبع ذلك من الهيمنة الثقافية والسياسية ، ومقاومة من يقاومها
بالفكر والثقافة الغربية ، ولما كانت الثقافة الغربية تتقاطع مع الثقافة
الإسلامية في كثير من القضايا ؛ انطلقت دعوات التجديد والإصلاح الديني من
المسلمين والمستشرقين ؛ من أجل التوفيق بين الدين الإسلامي والثقافة الغربية
..فكان من وسائل ذلك الكتابات والمقالات المدعمة لهذه الفكرة ، ومن رحم هذه
الفكرة ولدت أول مؤلفات آرنولد " الدعوة إلى الإسلام " ، ولعل موضوعات الكتاب
تؤكد ذلك وتدعمه ، وهذا ما نبينه في الفقرة الآتية :-
رابعاً: موضوعات الكتاب :-
يتألف الكتاب من ثلاثة عشر باباً ، وخاتمة ، نوجزها بالشكل الآتي:-
والملاحظ :
أن موضوعات الكتاب – في الحقيقة – تخدم الهدف والغرض من تأليفه ؛ ذلك الهدف
المتمثل بـ : الجمع بين الدين الإسلامي والفكر الأوربي الحديث؛ درءاً للتعارض بين
الدين الإسلامي والفكر الأوربي ؛ فجاء كتاب " الدعوة إلى الإسلام " متناغماً مع
موضوعاته التي تخدم ذلك الغرض ..حيث كانت الموضوع الأساس للكتاب: قضية انتشار
الإسلام عبر التأريخ بدأ من الداعية الأول رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم
مروراً بانتشاره أيام الخلافة الراشدة وما بعدها من فترات الفتوحات الإسلامية ،
مركزاً فيها على قضية التسامح الديني في ذلك الانتشار،وهو ما يشير إليه آرنولد في
كتابه في معرض حديثه عن التسامح الديني للمسلمين معرضاً عن الاضطهادات التي حصلت
من آحاد المسلمين([4])
والقارئ الحاذق يشم من كلام آرنولد عن التسامح الديني في الانتشار الإسلامي
رائحة إماتة الروح الجهادية عند المسلمين ، مبرهناً بزعمه على أن الإسلام لم
ينتشر بالسيف ، وإنما انتشر بالدعوة السلمية المتبرئة من كل قوة .
خامساً : منهج المؤلف في الكتاب:-
من خلال الاستقراء والتتبع لكتاب " الدعوة إلى الإسلام " نلحظ أن مؤلفه اتبع
منهجاً معيناً سار عليه في كتابه نوجز ذلك بما يأتي:-
أولاً :
اتخذ المؤلف المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في سرد أحداث الدعوة الإسلامية عبر
فترات تاريخ الفتوحات الإسلامية المختلفة بالتدريج من العهد النبوي وما بعدها ..
مركزاً فيها المؤلف على قضية التسامح الديني الإسلامي في تمدده وانتشاره في
الجزيرة العربية وخارجها .
ثانياً :
أخذ المؤلف بالمنهج المقارن ؛ حيث كان يقارن بين وسائل الفتوحات الإسلامية ،
القائمة على التسامح واللين ووسائل نشر المسيحية التي كانت تنتهج العنف خاصة في
العصر الحديث ، كما حصل – مثلاً من الملك أولاف الذي أجبر أهالي "فيكن " ( القسم
الجنوبي من النرويج ) على الدخول في المسيحية من خلال تقطيع الأيدي والأرجل
والنفي والتشريد ، وبهذه الوسائل استطاع الملك أولاف نشر الدين المسيحي في فيكن
بأسرها([5])
؛
والمؤلف من يرمي من وراء ذلك شيئاً خطيراً
وهو إثبات أن الإسلام انتشر في البلاد المسيحية بسبب أخطاء رجال الدين
المسيحي....
ثالثاً:
كثيراً ما كان يستعمل المصطلحات والألفاظ التي تتسم بالجدل بين الإسلاميين من حيث
جواز استعمالها والأخذ بمضمونها..ومن ذلك – مثلاً – مصطلح " القومية " والتي
يجعلها علماً على رأس فترات التاريخ الإسلامي في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم
– ؛ حيث نجد المؤلف يصف موضوع " الهجرة إلى المدينة " بعنوان بارز: بداية الحياة
القومية للإسلام([6])
،
وكذلك في خاتمة كتابه وهو يعدد – عوامل نجاح الدعوة الإسلامية – يطلق على
الدعوة السلفية مصطلح (الوهابية ) التقليدية العدائية للغرب ، في
مقابل الدعوة إلى حركة حداثية تنسجم مع الغرب ولا تعاديه والتي أطلق عليها لقب"
حركة الوحدة الإسلامية" التي تسعى إلى ربط جميع شعوب العالم الإسلامي برباط مشترك
من المودة والتعاطف...([7])
رابعاً: أكثر المؤلف من الاستشهاد بالآيات القرآنية التي تدل على سماحة الإسلام ،
وعن العفو والصفح الجميل من خلال سرد الآيات القرآنية معزوه برقم السور مع الآيات
، وغض الطرف عن آيات الجهاد ..
خامساً :
يدعي المؤلف أنه يحاول الحيادية في الكتاب إذ يقول: " ومع أن هذا المؤلف – وهذا
أمر مسلم به كما يتضح في التمهيد- عبارة عن سجل لجهود نشر الدعوة ، وليس تاريحاً
للاضطهاد، حاولت أن أكون غير متحيز البتة "([8])
، ومع وجود كثير من الإنصاف والعدل في هذا الكتاب ، إلا أنه لم يسلم من التحيز
والدفاع عن فكرة مسبقة تبناها المؤلف من البداية .. كما سبق ذكر ذلك .
سادساً:
اعتمد المؤلف على مراجع ومصادر عربية وفارسية وغربية، واعتمد كثيراً على
مستشرقين ورجع إليهم في كل ما أشكل عليه فهمه، كما صرح بذلك في تقديمه لكتابه
([9])
، ومن خلال استقرائي لمراجعه ومصادره لكتابه وجدت الآتي :-
أولاً:
قلة المصادر العربية مقارنة بالمصادر الأجنبية والاستشراقية ، فكاد أن تنحصر كتبه
العربية التي اعتمد عليها على بعض الكتب في السيرة والتاريخ ، وتحديداً : سيرة
ابن هشام ، وسيرة ابن إسحاق ، وتاريخ الطبري ،والمسعودي مع العلم أنه كان يشير
إليها إشارات مختصرة جداً ، وغالب المراجع أجنبية استشراقية ، ولعل نظرة عابرة
لحواشي كتابه تعزز ما ذكرنا.
ثالثاً :
يحاول المؤلف أن يضفي على بعض المراجع الاستشراقية نوعاً من الهالة والتضخيم
كدعاية وتسويق للمؤلفات الاستشراقية في الدراسات العربية ، ومن ذلك – مثلاً-
ادعاؤه في قضية –الردة والمرتدين بعد وفاة الرسول – بأنه لم يجد بحثاً – في تلك
القضية أكثر شمولا، وأعظم قيمة مما كتبه أستاذه جولد تسيهر([11])
.
سادساً : دراسات وبحوث عن الكتاب:-
استفرغت وسعي ، وبذلت جهدي في البحث عن دراسات وأبحاث سابقة عن توماس آرنولد
وكتابه " الدعوة إلى الإسلام " ، فلم أقف إلا على دراسة واحدة بعنوان : "دراسة
نقدية لكتاب : الدعوة إلى الإسلام " عبارة عن رسالة ماجستير في الدعوة من المعهد
العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة للباحث محمود حمزة عزوني ، تحت إشراف :
الدكتور : إبراهيم عكاشة ، ومن أهم ما توصل إليه الباحث – في ضوء نقده للكتاب-
أنه " بالرغم من شهرة آرنولد بأنه من المستشرقين المعتدلين فإن البحث الدقيق في
كتاباته تدل على أنه يشارك غيره من المستشرقين في الطعن في الإسلام بأسلوب هادئ
وبخاصة في كتابه الخلافة وفي كتابه الدعوة إلى الإسلام ..([12])
.
أما المقالات والمناقشات على الكتاب فقد وقفت على بعضها في صفحات بعض المواقع
الإسلامية على شبكة الانترنت
منها المادح ومنها القادح في الكتاب ، وغالبها لا يخلو من شطط ، وتعميم وتعجل في
سرعة إصدار الأحكام على عواهنها من غير تمحيص أو تدقيق ، مع ما يرافق ذلك
القسوة في الكلام من خلال التجريح والتشنيع
([13])
.
سابعاً : أخطاء وملاحظات عامة عن الكتاب :-
لعلي أشرت إلى كثير من الأخطاء الموجودة في الكتاب ، لاسيما في الحديث عن منهج
المؤلف في تأليف هذا الكتاب من مثل :
ý
إسقاط المصطلحات الغربية على التاريخ الإسلامي كالقومية التي تتنافى وعالمية
الدين .
ý
التمجيد والتفخيم لكتابات المستشرقين .
ý
النظر للقرآن الكريم من زاوية واحدة ، واختيار ما يناسب فكرة الباحث ، وغض الطرف
عن الآيات الآخرى في ذات السياق والمعنى، كما فعل بالاستشهاد بآيات العفو
والتسامح وعدم الإكراه، في معزل عن آيات الجهاد.
نضيف إلى ما سبق الملاحظات والأخطاء الآتية:-
أولاً :
الزعم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم تحمل مشاق الدعوة مكرها بعد صراع نفسي ، ولم
يكن عن قناعة سابقة ، وفي ذلك يقول آرنولد – في سياق حديثه عن حياة محمد باعتباره
داعية إلى الإسلام – في الباب الثاني- : " ولما اقتنع محمد آخر الأمر، بعد قلق
نزاع نفسي طويل بأنه مكلف حمل رسالة دينية من قبل الله، وجه أول جهوده إلى إقناع
قومه بصدق الدين الجديد"([14])
.
ثانياً:
إطلاق بعض الأحكام العامة دون التحقق والتفصيل فيها، ولعل أبرز مثال على ذلك ، ما
ذكره المؤلف من ظلم السنيين لعلي وأولاده ( بهذا النص )([15])
... ظلم السنيين لعلي وأولاده ، مما يشعر القارئ بأن الاتجاه السني عامة لديه
مشكلة مع الإمام علي بن أبي طالب وأولاده ، وفي هذا التعميم من الخطأ ما لا يحتاج
إلى بيان أو رد.
ثالثاً:
الزعم بأن الإسلام انتشر ببطء شديد في البلاد المسيحية بسبب تساهل الكنيسة
وانحلالها... ويفهم من وراء ذلك ، أن هذا الانتشار البطيء لم يكن لولا ذلك
التقاعس والتساهل .. وكأن الإسلام ليس له من عناصر القوة والتأثير ما يمكنه من
الانتشار سواء تساهلت الكنيسة أم لم تتساهل.
هذه كانت لمحة – مقتضبة- عن منهج توماس آرنولد في كتابه " الدعوة إلى الإسلام " ،
لا أدعي فيها الكمال ، وهذا مني جهد مقل ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
([1])
بدوي : عبد الرحمن ، موسوعة المستشرقين (دار العلم للملايين ، بيروت – لبنان ،
ط:3 ، 1999م )،ص9-10.
([2])
يُنظر: بدوي : موسوعة المستشرقين ،ص9.
([3])
يُنظر: بدوي : موسوعة المستشرقين ،ص9.
([4])
يُنظر: آرنولد : الدعوة إلى الإسلام ، ص30.
([5])
يُنظر:آرنولد : الدعوة إلى الإسلام، ص32.
([6])
ينظر: آرنولد: الدعوة إلى الإسلام ، ص47.
([7])
يُنظر: آرنولد : الدعوة إلى الإسلام، ص468.
([8])
آرنولد : الدعوة إلى الإسلام ، مقدمة الطبعة الأولى ، ، ص10
([9])
يُنظر: آرنولد : الدعوة إلى الإسلام ، مقدمة المؤلف ، الطبعة الأولى ، ص10 –
11.
([10])
يُنظر: مقدمة المؤلف ، الطبعة الأولى ، ص9.
([11])
يُنظر: آرنولد : الدعوة إلى الإسلام ، ص61.
([12])
لم أستطع الحصول على الرسالة ، وحاصل ما وقفت عليه المقدمة للرسالة ومعلومات
أساسية عنها في مركز المدينة المنورة لدراسة وبحوث الاستشراق على شبكة الانترنت
:
http://www.madinacenter.com/post.php?DataID=266
([13])
ولعل كثير من صفحات الانترنت تحكي تباين وجهات نظر المادحين والقادحين في قضية
كتاب " الدعوة إلى الإسلام".
([14])
أرنولد: الدعوة إلى الإسلام ، ص34.
([15])
يُنظر، آرنولد : الدعوة إلى الإسلام، ص241.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق