الثلاثاء، 30 يونيو 2015

أقدم المعارك الأدبية المنسية «المنفلوطي» و«الرافعي».. وصراع الأقوياء..!

أقدم المعارك الأدبية المنسية «المنفلوطي» و«الرافعي».. وصراع الأقوياء..!


كان مصطفى لطفي المنفلوطي نابغة في الإنشاء والأدب، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته وكتبه، كما كانت أشعاره تتميز بالرقة والعذوبة، وهو ثالث ثلاثة من أصحاب الأساليب: (الزيات، الرافعي، المنفلوطي) وقد عاش «المنفلوطي» و«الرافعي» علمين سامقين، في مجال الأدب الإنشائي، وإن كان المنفلوطي سبق الرافعي في هذا الميدان، ومع ذلك فقد وقع بينهما الخلاف، ووقعت الخصومة، وإن كانا قد جريا في نطاق مذهب واحد هو الترسل والكتابة المنمقة، بل لعلّ الرافعي قد تأثر بالمنفلوطي، كما تأثر بالزيات.


محمد عبدالشافي محمد
-مصر-


أما الخلاف بين المنفلوطي والرافعي فقد كانت له جذور بعيدة، فقد كان الرافعي ينافس على زعامة الشعر، ثم كان المنفلوطي بعد ذلك أثيراً لدى سعد زغلول ومن كُتّابه، وكان الرافعي يطمع في ذلك، وكان الخلاف في فترة ما قبل الحرب يتمثل في إعجاب الرافعي بالكاظمي وجاويش، ولذلك هجاهما المنفلوطي.
ولا ننسى -أيضاً- أن المنفلوطي كان قد تألق فجأة بمقالاته في جريدة «المؤيد» فأثار ثائرات عند كثيرين، منهم طه حسين والرافعي والمازني .. فقد حمل عليه كل هؤلاء على اختلاف مفاهيمهم وثقافاتهم ومشاربهم.
لكن، العجيب في معركة المنفلوطي والرافعي أنه برغم الخصومة الشديدة، فإنها لم تظهر في معارك أدبية أو مساجلات على صفحات الصحف، ولكنها عاشت في أطراف الكلمات ومن وراء العبارات المبهمة والغامضة وفي رسائل خاصة ومن بين السطور، كل منهما يلذع الآخر بالكلمة الجارحة ويمضي، وقد بدأ الرافعي المعركة مستتراً في مقالته الشهيرة «طبقات الشعراء» التي نشرتها مجلة «الثريا» سنة 1905م، وقد وضع الرافعي نفسه في الطبقة الأولى، بينما وضع المنفلوطي في الطبقة الثالثة وقال عنه: «قصائد هذا الشاعر كشفت عن عين سارقة لا بارقة، وليس له معنى ينفرد به، ولا هو ممن تشفع لهم الكثرة».
وفي هذه الأثناء .. أفردت صحيفة «الظاهر» صفحاتها يومين متتاليين لمقال المنفلوطي في الرد على صاحب مقال «الثريا» وكان مقاله عنيفاً، فقد هاجم الكاتب بشدة، ووصفه بصاحب «الحقد الناري الذي أحرقه فتصاعد منه هذا الدخان الأسود الكثيف».
وقال: «إن هذا المجهول لما ضاق أمره وقصرت به خطاه عن مجاراة أدباء العصر، حاول أن يضع نفسه في صف الفحول، وأجرى هذه الموازنة الحمقاء ووضع نفسه في الطبقة الأولى، وأنه لا يوجد أديب واحد يرى له هذه المنزلة التي أنزل فيها نفسه وإن اختفى وراء قليل ممن وصفهم في الطبقة الأولى تستراً وتلصصاً»، وقال: «إنه لايعرف بين الشعراء شاعراً واحداً ينفث على الشعراء مواهبهم ويلهبهم بذمهم سواء، ذلك إلى ركاكة أسلوبه وغموض بيانه الذي أعرفه له في كل ما وقفت عليه من نظمه ونثره..».
ودهش من أن هذا -الكاتب- هو من لا يعرف له العامة اسماً ولا يحفظ له الخاصة بيتاً يتطاول إلى شوقي الشاعر الفحل، أو الجلوس بجانب «حافظ» صاحب المعاني المعجزات.
وقال: إنه أغفل فحول الشعراء أمثال أحمد مفتاح، وعثمان زناتي، وعبدالرحمن قراعة، وإبراهيم اليازجي.
وقال: إنها نفثة من نفثات الحقد، ووصفه بأنه فاسد الذوق .. وانتهى إلى القول بأن ما جاء في رسائلك عني فإني لا أذهب بك بعيداً عن الخطة التي مهدتها لنفسي من قولي:
إذا ما سقيته نالني منه قادح
من الذم لم يجرح بموقفه صدري
لم يقف الأمر بالمنفلوطي في هجومه على الرافعي عند هذا الحد.. كلا!
فبعد مرور عام -وبينما معركة طبقات الشعراء مستعرة- نشر المنفلوطي في مجلة «سركيس» 1906م مقالاً تحت عنوان «طبقات الشعراء» رتب فيه الشعراء ووضع نفسه في الدرجة الخامسة بعد شوقي والبكري والبارودي وصبري وحافظ، ووضع الرافعي في الدرجة الرابعة عشرة، وقال عن الرافعي: «طلب المعنى فأعياه واستهان باللفظ فانتقم لنفسه منه وعزّ عليه السكوت (فما تكاد تراه صامتاً) فهزئ بمضحك التشبيه وبارد التصور، وشبه السماء بالكنيسة، والنجوم بالراهبات، والبدر بالأسقف تارة والمصحف أخرى».
وكان هذا هو الرد الخفي، فمقال المنفلوطي كان -أيضاً- موقعاً بتوقيع رمزي حتى كشف عنه 1910م عندما أعاد نشر المقال في الطبعة الأولى لكتابه «النظرات».
وفي العام نفسه 1910م -أيضاً- نشر المنفلوطي مقالاً تحت عنوان «طبقات الكتاب» في مجلة «سركيس» بتوقيع رمزي وأبدى رأيه في كثير من الكتاب، وكان له أثر كبير ودوي واسع، فقد تجاهل فيه الرافعي تماماً، وهاجم فيه عبدالعزيز جاويش وتناوله في عبارة قاسية قال: «لولا مقامه في اللواء ومذهبه في الهجاء لكان هو وفريد وجدي سواء».
وقد تعرض الرافعي لهذه القصة كلها في «رسائل الرافعي» التي أرسلها إلى الأستاذ محمود أبو رية والتي نشرت عام 1950م، ففي خطاب منه يقول: كلمات المنفلوطي في «طبقات الكُتّاب» لها خبر، وذلك أنه ظهر منذ ثلاث عشرة سنة مقالة عن الشعراء في مجلة الثريا كان لها دويٌ بعيد، واشتغلت بها الصحف والمجلات كلها ونسبت هذه المقالة إليّ أنا، ووصلت إلى الخديوي فقام شوقي وقعد، ثم شمر لها السيد محمد توفيق البكري وهو الذي أوعز إلى المنفلوطي أن ينقضها واستأجره لذلك .. وهذا هو السبب في ذم المنفلوطي إياي بتلك العبارة التي كتبها عني، أما قبل ذلك فكان الرجل يقرظني و... ينافق لي على أنه من يومئذ طرحته ولم أعد أكلمه، لأني لا أتمسك بشيء كالأخلاق، ولذلك لا أرجع عن كلمة قلتها .. ومتى انصرفت عن شيء لا أُقبل عليه آخر الدهر، فأنت ترى أن المنفلوطي لا يكتب عن بحث ولا رويّة، وإنما هي كلمات يصور بها ما في نفسه، وإني أعجب لسخافة كلمته في الشيخ جاويش وفريد وجدي وهما عالمان من كبار أهل الفضل».
ولما مات المنفلوطي كتب عنه الرافعي في رسالة إلى أبي رية يقول: «حياة الرجل كانت كلها موتا له»!
وبعيداً عن تلك الخصومات الأدبية الطاحنة التي دارت رحاها بين هؤلاء الأدباء الذين أثروا الحياة الثقافية بوابل صيّب من إبداعاتهم وآرائهم واجتهاداتهم .. فهم جميعاً - بلا استثناء- قامات عالية، وقمم سامقة في ميادين الفكر والأدب والثقافة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا تحول المنفلوطي من كتابة الشعر إلى كتابة النثر الفني؟!
لم يكن المنفلوطي شاعراً فاشلاً، أو مدّعياً، متسلّقاً - ككثير من شعراء هذا الزمان- أو «المتشاعرين» الذين يعيشون بيننا، بل كان مصطفى المنفلوطي ذا قامة سامقة بين القمم الشعرية في عصره، ولا أدلّ على صدق ما أذهب إليه من ديوان المنفلوطي نفسه، وشهادة مجايليه له بالعبقرية!
إذن.. فلماذا تراجع عن الاستمرار في هذا الميدان، ومواصلة المسيرة الشعرية كغيره من المبدعين؟!
لعلّ الإجابة عن هذا السؤال تكمن في أن المنفلوطي كان صاحب ذائقة فنية قلما توجد عند الناس، فأدرك أنه موهوب في كتابة النثر الفني موهبةً تتجاوز موهبته الشعرية، فاتجه إلى النثر دون رجعة إلى الشعر، وأخلص لهذه القضية أيّما إخلاص، فبرّز في هذا الميدان حتى أصبح فارسه الأول بلا منازع، وذاع صيته، واتسعت شهرته في كل مكان، لدرجة أن كثيراً من الناس لا يظنون أنه كان شاعراً مرهفاً له ديوان ضمّت دفتاه اللؤلؤ والمرجان.
من هنا، فإنني أدعو الشعراء ذوي القامات القصيرة، أو أنصاف الشعراء، أو غير الموهوبين، أو المجدّفين، أن يعتزلوا هذا الميدان، حتى لا يخسروا الرهان أمام الفرسان، وأن يتركوا هذا الفن لأربابه، وينأوا بأنفسهم عن سخرية الناس بهم، ويحفظوا ماء وجوههم، ويبحثوا لهم عن ميدان آخر يتسولون فيه، ويتسكعون على أرصفته!
في تلك الحقبة التاريخية التي عاش فيها المنفلوطي، ظهر الشعر الوطني، أو شعر المقاومة والدعوة إلى الحرية، فانبرى الشعراء في مقاومة الاستعمار الإنجليزي واستبداد الخديوية، ونظم الشعراء كثيراً من القصائد الجارحة في مهاجمة الاستعمار واللورد كرومر، ونظم المنفلوطي قصيدته الشهيرة «قدوم .. ولكن لا أقول سعيد» التي هجا بها الخديوي سعيد، الذي كان عائداً من سفره، ولما كان المنفلوطي وثيق الصلة بالإمام محمد عبده، فسُجِنَ بسببه ستة أشهر، لما في القصيدة من تعريض بالخديوي عباس حلمي، وكان على خلاف مع الإمام محمد عبده!

السبت، 27 يونيو 2015

قصة شائقة من تاريخ العلم

قصة شائقة من تاريخ العلم
جلال امين

         ولكن قبل أن أقصها على القارىء أود أولاً أن أذكر له أني كنت دائما أعتقد أن كثيرا من العلوم الاجتماعية قد ضلت الطريق بمحاولة تحقيق المزيد من الدقة ولو على حساب أهمية الموضوع الذي تبحثه.
        أصبح البحث عن الثروة أكثر أهمية من البحث عن الفائدة والجدوى وهو اتجاه شبيه بما حدث للفن من اهتمام بالشكل على حساب المضمون.
        فكثيرون من المشتغلين بهذه العلوم ينفقون أكثر من اللازم من وقتهم وجهدهم في سبيل أن تكون نتيجة أبحاثهم أقرب إلى اليقين، ولو كان الموضوع الذي يبحثون فيه عن اليقين غير مهم بالمرة. تأمل مثلا كم من الوقت والجهد ينفقه عالم الاجتماع في تصميم وصياغة قائمة الاستفسارات التي يقوم بتوزيعها على عينة مختارة من الناس، للحصول على إجاباتهم على عدد من الأسئلة ويعتقد أنه عن طريقها يمكن اكتشاف اتجاهات ومواقف هؤلاء الناس من قضية معينة، ثم يبذل وقته وجهده في محاولة اكتشاف هذه الاتجاهات وصياغتها الصياغة الدقيقة، دون أن يلتفت إلى أن السؤال الذي يحاول الإجابة عليه من البداية هو سؤال تافه، كلنا يعرف إجابته سلفا، بالبديهة، أو المنطق السليم، أو الملاحظة اليومية، فمثلاً الرجال في ظروف التضخم وارتفاع أعباء المعيشة يميلون إلى تفضيل الزواج من إمرأة عاملة أكثر مما كانوا في ظل ظروف اقتصادية أقل صعوبة، أو أن نسبة المتعلمين بين الفقراء أقل من نسبة المتعلمين بين الأعلى دخلا، أو أن أحد أسباب الفقر بين سكان الريف هو انخفاض ما بحوزة المرء من أرض زراعية!.. الخ.
        لقد صادفت مرة اقتصاديا ينفق الساعات في جمع الأرقام المتعلقة بإنتاجية العمل، ثم ساعات أخرى أمام الكمبيوتر لكي يكتشف العلاقة بين إنتاجية العامل ومستوى التعليم، ليصل إلى نتيجة كنا نعرفها سلفا تمام المعرفة، وهي أنه كلما ارتفع مستوى التعليم زادت إنتاجية العامل، بشرط طبعا أن يكون التعليم محل البحث هو من النوع الذي من شأنه أن يرفع إنتاجية العامل! أي أن القضية كلها التي كان يحاول إثبات صحتها هي من قبيل تحصيل الحاصل، أي تنطوي مسلماتها على نتائجها!.
        إن علم الاقتصاد الحديث ملىء بالأمثلة على هذا الميل إلى ( التعبير عن الباطل بدقة!) فمثلا نظرية المستهلك كلها التي تقوم على افتراض أن المستهلك شخص رشيد وعاقل، يحسب كل قرار استهلاكي يتخذه بدقة ـ نفقاته ومنافعه ـ ويحيط علما بكل المعلومات اللازمة لاتخاذ هذا القرار، من أنواع المنتجات المطروحة، إلى صفاتها الحقيقية الظاهرة والدفينة، إلى مختلف الأسعار التي تباع بها هذه المنتجات في هذا المكان وذاك، ويتخذ قراره بناء على كل ذلك، من أجل ( تعظيم المنفعة) التي تعود عليه من الاستهلاك. وينفق رجل الاقتصاد وقتا طويلا في محاولة تحديد الخطوات التي يتخذها المستهلك للوصول إلى هذه النتيجة، وهي تعظيم المنفعة، ليخبرنا في النهاية بما يسميه: ( شروط توازن المستهلك، مع أننا نعرف جيدا من ملاحظتنا لأنفسنا ولتصرفات الأشخاص المحيطين بنا أن المستهلك نادرا جدا ما يكون إنسانا رشيدا، ونادرا جدا ما يكون محيطا بكل المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار رشيد، ونادرا جدا ما ينجح المستهلك في تعظيم منفعته من الاستهلاك، ومن ثم فالدقة التي يصل إليها الاقتصاد هي دقة في التعبير عن الباطل بينما كان من الأجدى أن يحاول الاقتصادي أن يصف لنا مختلف العوامل التي تؤثر في سلوك المستهلك، وتجعله يتصرف على النحو الذي يتصرف به بالفعل، رشيدا كان أو غير رشيد، كتأثره برأي الناس  فيه، أو مدى نجاح الإعلان في تشكيل نوع استهلاكه، أو أثر الظروف العائلية أو الاجتماعية أو السياسية في الاستهلاك.. الخ. صحيح أن النتائج التي سنصل إليها في هذه الحالة لن تكون دقيقة، إذ إن معظم هذه العوامل من الصعب قياسها بدقة، ولكن النتائج في هذه الحالة ستكون أقرب إلى الحقيقة وإن كانت تقريبية، وهذا أفضل، في رأيي، من الوصول إلى الباطل بكل دقة!.
اكتشاف مثير
        تذكرت هذا عندما قرأت هذه القصة الشائقة عن عالم ألماني في الطب والتشريح، ولكنه أيضا وصل إلى نظرية مثيرة في علم النفس. امتدت حياته بين النصف الثاني من القرن الثامن عشر والعقود الأولى من القرن التاسع عشر 1758 ـ 1828، وهو فرانز جوزيف جال F.J. Gall بدأت قصة اكتشافه المثير في علم النفس عندما كان صبيا صغيرا، إذ لاحظ بحزن وغيظ شديدين، أن من أقرانه في المدرسة من يحصل على درجات عالية جدا في الامتحانات يتفوقون عليه، إذ لا يستطيع هو الحصول على هذه الدرجات، لمجرد أنهم يتمتعون بذاكرة أقوى بكثير من ذاكرته، فقد كان يجد صعوبة بالغة في حفظ المعلومات عن ظهر قلب، مع اعتقاده الراسخ، أنه فيما عدا ذلك، أكثر ذكاء منهم بكثير.
        شغلت هذه الظاهرة تفكيره، وحاول جاهدا الوصول إلى تفسير لها: لماذا كان بعض الناس أقدر على الحفظ والتذكر من غيرهم ?.
        وتساءل بينه وبين نفسه عما إذا كان لهذا أساس بيولوجي ?. ثم انتقل إلى مدرسة أخرى وواجهته نفس الصعوبة ونفس الظاهرة، غير أنه لاحظ أن التلاميذ المتفوقين عليه في الحفظ وقوة الذاكرة لهم سمات جسمية معينة من أهمها اتساع العينين وبروزهما، ثم تذكر أن التلاميذ الذين كانوا يتفقون عليه في المدرسة السابقة كانوا يتسمون بنفس السمة: اتساع العينيين وبروزهما، فإذا به يستخلص من ذلك نتيجة آمن بها إيمانا جازما، وهي أن الصفات الذهنية والعقلية لها كلها أساس بيولوجي ثابت، توصل فيما بعد إلى أنها تتعلق بتكوين المخ وحجم تجويفاته المختلفة، وأن شخصية الإنسان كلها يمكن تحليلها إلى هذه الصفات والميول الذهنية والعقلية المختلفة التي يمكن ردها على هذا النحو إلى شكل المخ ومكوناته. وقضى بقية حياته في الملاحظة وجمع المعلومات لإثبات صحة نظريته، ولم تفارقه حتى وفاته ثقته بصحتها، وراح يلقي المحاضرات العامة لإقناع الناس بها فنجح إلى حد كبير في تكوين قطاع واسع من الرأي العام مقتنع برأيه.
قدرات عقلية
         ذهب جال بحق إلى أن مفهوم الذكاء الذي نستخدمه بكثرة في وصف الأشخاص، هو مفهوم من الغموض والعمومية بدرجة تفقده أهميته، كان يفضل التمييز بين أنواع مختلفة من القدرات العقلية والميول النفسية بحيث يحدد ما يمتلكه كل منا من نسب مختلفة من هذه القدرات، الفوارق الذهنية بيننا، بل والفوارق بين شخصياتنا، إذ إن هذه الفوارق بين القدرات هي التي تحدد إلى حد كبير اختلافنا في السلوك. وقد ميز جال عددا كبيرا من هذه القدرات، يصل عددها إلى نحو ثلاثين، اعتقد جال أن مركزها كلها هو المخ، فميّز بين القدرة اللغوية والعددية، والاحساس بالألوان، وبالموسيقى، وبالزمن وبالمكان، والميل إلى النظام، وحب الاستطلاع والمقارنة، وسرعة البديهة، والخيال، وتحصيل المعلومات السطحية، والقدرة على الابتكار والبناء، والضمير، والحزم، والإيمان، والحرص على الحصول على رضا الاخرين، والحذر والاعجاب بالنفس، والميل إلى الهدم، والرغبة الجنسية، والميل إلى السرية وعدم الإفصاح، والمودة، وحب المرء لأطفاله، والعدوانية، والميل إلى الإحسان إلى الآخرين.. الخ.
        على أن الذي جلب له هموم عدد كبير من العلماء، كان هو زعمه بأن لكل من هذه القدرات والميول مكانا محددا في المخ حاول أن يحدد موقعه بالضبط، كما يبدو من الشكل المبسط المنشور مع المقال. فقد كان الاعتقاد السائد قبل جال أن المخ يعمل كوحدة متكاملة، فلا ينفرد كل جزء منه بوظيفة بعينها، فجاءت نظرية جال بنسبة وظائف مختلفة إلى أجزاء المخ المختلفة، مثيرة للهجوم عليه بل والسخرية.
        ولا يشك علماء النفس اليوم في أهمية مساهمة جال، ومن تبعه من العلماء مثل سبيرزهايم (Spurzheim) ، أو في قوة حجج النظرية أو في احتواء نظريتهما في عمومها على جزء كبير من الحقيقة، وإنما يرفضون إصرار جال وأتباعه على الذهاب بالنظرية إلى أبعد من اللازم، ويرفضون الكثير من تفاصيلها. كما يشيرون إلى الضعف الشديد الذي شاب كثيرا من الأدلة التي كان جال وأتباعه يقدمونها لإثبات صحة نظريتهم، فإذا وجد جال مثلا شخصا عرف بالميل إلى السرقة أشار إلى أن دماغه يحمل صفات معينة هي التي تعكس تضخم ذلك الجزء من المخ الذي اعتبره جال مركز الميل إلى الاستحواذ. وإذا قدم له شخص آخر عرف أيضا بالميل إلى السرقة ولكن دماغه له الصفات العكسية بالضبط، قال جال إن مركزا آخر من مراكز المخ له آثار مضادة للاستحواذ كالميل إلى الإحسان إلى الآخرين مثلا قد غلب أو أضعف مركز الاستحواذ!. وهكذا مما يجعل من المستحيل إثبات خطأ النظرية، وهو ما يعتبر شرطا أساسيا لاعتبار النظرية علمية. والأكثر طرافة أن شكل جمجمة الفيلسوف الفرنسي الشهير ديكارت عندما جرى فحصها، تبين أن لها سمات تتعارض تماما مع السمات التي زعم ( جال ) أنها تميز من يمتلك قدرة كبيرة على التفكير المنطقي، فلما واجهوا أتباع ( جال ) بالمشكلة، قالوا: إن قدرة ( ديكارت ) على التفكير المنطقي قد بولغ فيها كثيراً!.
البحث عن الدقة
        ومع هذا، فالعلماء اليوم يقبلون الكثير ما قال به جال من التمييز بين القدرات والميول المختلفة، وإمكانية رجوع بعض هذه القدرات والميول إلى مراكز معينة من المخ. ولكن اللافت للنظر أن عالما آخر، أصغر من جال ) بستة وثلاثين عاما، هو بيير فلورانز P. Flourens1794 ـ 1867 الذي تمتع بالرضا التام من جانب المؤسسة العلمية في زمانه، إذ حاول تقديم البديل لمذهب جال، اتبع منهجا يختلف تماما عن منهج جال، فبدلا من أن يجعل نظرية جال أكثر دقة ويخلصها من الشوائب والأخطاء والمبالغة، دفع التفكير في اتجاه مختلف تماما، قد يكون أكثر دقة حقا من طريقة جال في التفكير والبحث، ولكنه أبعد عن الحقيقة.
        بينما كان جال يعتمد أساسا على الملاحظة ويصل إلى تعميمات بجرأة وسرعة أكثر من اللازم، إلا أن فلورنز يعتمد على التجارب، التي تتوافر فيها شروط التجارب العلمية، ومن ثم قد تعطينا نتائج أكثر دقة، ولكنها قد تقودنا أيضا بعيدا عما كنا نبحث عنه. والسبب يعود إلى أن التجارب التي كان يجريها فلورانز للتحقيق مما إذا كانت هناك مراكز في المخ الإنساني ذات صلة بقدرات الإنسان العقلية، كانت تجرى على طيور أو حيوانات كالأرانب والكلاب! ومن ثم فأبحاثه كلها كانت مؤسسة على افتراض يمكن للمرء أن يشك فيه بشدة، وهو أن مخ الإنسان له في الأساس نفس صفات مخ هذه الحيوانات أو الطيور، فضلا عن أن بعض القدرات الخاصة بالإنسان التي تجرأ جال وبحث عن مكان لها في المخ، كان من المحتم على فلورانز استبعادها تماما من بحوثه، لأنها لا توجد أصلا أو لا يعرف ما إذا كانت توجد أو لا توجد لدى الطيور والحيوانات، كالتذوق الموسيقي، والإيمان، والخيال، والقدرات اللغوية والعددية.. الخ.
الصورة الأفضل
        القصة تبدو لي مشوقة للغاية لأنها تمثل في رأيي تلك القضية القديمة والجديدة في البحث العلمي، قضية مفاضلة الوصول إلى التعبير التقريبي وغير الدقيق عن جزء مهم من الحقيقة، وبين التعبير الدقيق والأنيق عن حقيقة غير مهمة البتة أو حتى عن عكس الحقيقة تماما. ولكن المؤكد على أي حال الذي يمكن أن يقرره المرء باطمئنان، أن البديل للتعبير التقريبي وغير الدقيق عن جزء مهم من الحقيقة يجب ألا يكون تغيير الموضوع، أو محاولة البحث عن شيء مختلف تماما مهما كان تافها، لمجرد أنه من الممكن التعبير عنه تعبيرا دقيقا، بل نحاول أن نزيد فهمنا للحقيقة بكل دقة وشمولية. أما من يقبل غير ذلك، كهؤلاء الذين راحوا يبحثون عن حقيقة الإنسان باجراء التجارب على الأرانب والكلاب، فهم لا يختلفون كثيرا عما نسب إلى جحا في نادرته الشهيرة عندما فقد قرشا في مكان مظلم فراح يبحث عنه في مكان مختلف تماما عن المكان الذي فقده فيه، فلما سئل عن السبب في ذلك قال: إن الضوء هنا أفضل!.
 جلال أمين  

مجلة العربي 
عدد 466

الجمعة، 26 يونيو 2015

الشيخ الحنفي صاحب "معجم الألفاظ الكويتية"


 الشيخ الحنفي صاحب "معجم الألفاظ الكويتية"
        
في يوم الأحد، الخامس من مارس  العام 2006م، اخترمت يد المنون، العلامة الموسوعي الكبير الشيخ جلال الحنفي (بغداد 1914 - 2006 م)، مخلّفاً وراءه ثروة ثقافية غزيرة، تتوزع في شتّى ضروب المعرفة، لا سيما في التاريخ والتراث والمأثورات الشعبية والشعر والدين والنقد والموسيقى واللغات.
          لا نبالغ إذا قلنا إنَّ الشيخ الحنفي قد انفرد بها خلال القرن العشرين ومطالع القرن الحالي، حتى أصبح ظاهرة مدهشة لكلّ من يتتبع أعماله ويقف على إسهاماته المتنوعة. لقد كان الشيخ الحنفي نسيج وحده، ومن فرط حبه للمعرفة أنه سافر إلى الصين في عقد السبعينيات؛ لطلب العلم هناك، وعاش فيها ردحاً من الزمن، ودرّس العربية في مدارسها، وكان يتقن الصينية بطلاقة، وحين عاد إلى العراق آثر عدم السفر والتجوال، بيد أنّ كلمة واحدة أجبرته على السفر إلى تونس ليجد جذرها هناك، فشدّ الرحال من أجلها، ووقف عليها لدى مشايخ الإقراء والتجويد، وكان فرحه عظيماً لأنّه وجد ضالته تلك، وكان شعاره «وجدتها.. وجدتها».
          أما الكويت، فلها نصيب وافر من اهتمام هذا الرجل الموسوعي المثابر، حيث أفرد لها كتابه «معجم الألفاظ العامية الكويتية» الذي طبعه في بغداد عام 1964 م، وكان المعجم مغامرة لغوية بحق.  
السفرة الأولى إلى الكويت
          سافر الشيخ جلال الحنفي إلى دولة الكويت لاستقصاء الألفاظ العامية الكويتية، فطفق في الفترة الواقعة بين أوائل مايو، وأوائل يوليو من عام 1960 يدوّن ما استطاع أنْ يدوّنه من ألفاظ القوم، وخُطط البلد، وبعض ما يتصل بالأنساب والتقاليد، وما إلى ذلك من المباحث الشعبية، وساعده على أنْ يُلمَّ بهذا القسط غير اليسير من الألفاظ، علماً بأنّه كان قد مارس من عهدٍ بعيدٍ دراسة اللهجات العاميّة في بغداد، فأفادته هذه الممارسة فائدة ظاهرة عند تتبعه ألفاظ الكويتيين، وقد جمع المادة خلال شهرين اثنين لا ثالث لهما. وكان على الشيخ الحنفي في تلك الفترة أنْ يتجول كلّ يوم على قدميه، خلال الأيام القائظة في الكويت، من أول الصباح حتى الظهر، ثم يُعيد تجواله من بعد العصر حتى الثلث الأول من الليل، وكان خلال ذلك يسأل من يلقى من الناس عن أسماء ما تقع عليه عيناه من المسمّيات الكثيرة.  
الخطط الكويتية
          وفي ما يتصل بالموضوعات الخططية، فقد استعان الشيخ الحنفي ببعض الخرائط الحديثة، فضلاً عن زيارته بعضها موقعياً، وثبّتَ أسماءها بالحرف الذي تُلفظُ به محلياً. وكان موضوع المواقع هذه لم يجد من يبحث فيه بحثاً شاملاً آنذاك، وقد ازداد أهمية بعد أنْ بدأت المعاول تزيل الأعيان القديمة لتحلّ محلّها الشوارع الجديدة الواسعة، والبنايات المتطاولة الشامخة في الجوّ. ويأسف الشيخ الحنفي لعدم استطاعته زيارة قرى الكويت وباديتها، مع ما كان يحسّه من شديد الرغبة في ذلك، فلقد كان يطمع في الحصول على المزيد من الألفاظ والمعلومات الخططية، ولو تسنّى له ذلك، لوصف هاتيك المواقع وصفاً عن كثب، لا سيما أنّ في الكويت معالم لها شيء من القيم الخططية التي تستحقّ أنْ تجد من يُعنى بوصفها وتعريفها وتصويرها.
          وفي العاشر من يوليو عام 1960، عاد الشيخ جلال الحنفي من دولة الكويت إلى العراق، حيث أنهمك في تنسيق ما تجمّع لديه من المعلومات، ثم شرع في تدوينها على النمط القاموسي المشكول الألفاظ. وكان ممّا اقتضاه البحث أنْ يجري بعض المقارنات بين الألفاظ الكويتية والبغدادية، حتى يظهر الكتاب المطبوع خالياً من الأخطاء.
          بدا للشيخ جلال الحنفي بعد تبييض المعجم في بغداد، أنْ يعود به إلى الكويت، كي ينقّحه ويصحّح ألفاظه، مستأنساً ببعض أصدقائه الكويتيين الذين آزروه أثناء عملية الجمع، على اعتبار أنّ «أهل مكة أدرى بشعابها»، فشد الرحال إلى الكويت ثانيةً من اجل تلك الغاية، فلبث فيها أحد عشر يوماً، خلال المدة من 25 أبريل حتى السادس من مايو، من عام 1961م، تسنّى له الاجتماع في دار صديقه العطار السيد خالد علي السدّاني، بعددٍ من كهول القوم، وقد انتفع من معلوماتهم كثيراً، وكان في طليعتهم الحاج سليمان الصكر الرشودي، الذي أرشده إلى بعض المواقع الخططية في البلد، وكثيراً ما كان يتجوّل معه في الكويت، وهو من الواقفين على شيء من أمور التاريخ المحلّي، ومن رواة الشعر النبطي، وقد انسجم مع الشيخ الحنفي، إذْ «وافق شنٌّ طبقه».  
معجم الألفاظ الكويتية
          لقد كان محصول الشيخ الحنفي من جولته في الكويت ذخيرة ممتازة من الألفاظ، جمعها في كتاب يقع بحدود (424) صفحة من القطع الكبير، بعنوان «معجم الألفاظ الكويتية - في الخطط واللهجات والبيئة»، وقد طبع بمطبعة أسعد ببغداد، في العام 1383 هـ - 1964م، نختار للقارئ هذه الإضمامة:
          1- من حرف الألف «ابن دويسان»: وهو
          عبدالله بن دويسان، من غواصي اللؤلؤ، ينسب إليه فريج «ابن دويسان»، وهو فريج يقع عنده مسجد الساير الشرقي.
          2 - من حرف الباء «البارة»: وهي جزء من أربعين جزءًا من القرش، وكانت هذه العملة متداولة في الكويت قديماً.
          3 - من حرف التاء «التنبول»: من أصناف اللؤلؤ، تكون اللؤلؤة مخروطية الشكل فيها طول، وكان من أردأ أنواعه، فلما اتخذت منه الأقراط أصبح مرغوباً.
          4 - من حرف الثاء «الثِرَيّا»: ثوب ثريا، وهو ثوب نسائي يلبس في الحفلات والأعراس، وتكون في صدره مجموعة من البُلك الذهبية تشبه الليرات، ويبلغ عددها الثمانين، تضم إلى بعضها على شكل مثلّث، ومن هنا إطلاق لفظ الثريا علىالثوب.
          5 - من حرف الجيم «جالبوت»: سفينة شراعية تستعمل لتجارة اللؤلؤ، ويقال لها «طوّاش طيّارة»، وقد خرّجها بعضهم من «دالي بوت»، اسم سفينة هولندية وخرجت أيضاً من «Jolly Boat» في الإنجليزية، أي زورق نزهة. وقد وردت اللفظة في رحلة ابن جبير عام 1183م، قال: «ركبنا الجلبة للعبور إلى جدّة». ولعـل أصلها من «Clipper» لضربٍ من السفن الشراعية.
6 - من حرف الجيم الأعجمية، «الجَيْ»: وهو الذي قيل فيه «آخر الدواء الكي»، وقد كانت مشهورة بتعاطيه في الكويت امرأة كويتية اسمها «هيلة» وأخرى أسمها «بنت أبو حليبان» تعالجان الأمراض به.
7 - من حرف الحاء «حر حريشة عالكور»: لعبة للصبيان قوامها التراشق بالرومال والكور، أن تُخطَّ بالأصبع على الأرض خطةٌ كالدائرة يقف داخلها أحد اللاعبين من الصبيان.
8 - من حرف الخاء «الخَرجان»: لفظة أطلقت على ما كان قد وقع من مطر وبَرَدٍ شديد في الكويت سنة 1289 هـ. ولعلّ اللفظة من «Hurricane» في الإنجليزية للإعصار والريح الزعزع. وقد تكون مشتقة من الهرج والمرج. ولما كانت هذه الزعازع قد وقعت في شهر رجب من تلك السنة، فقد أطلقوا عليها أيضاً «الرجبّية».
9 - من حرف الدال «الدانة»: اللؤلؤة الكبيرة، والدانة أيضاً بمعنى الحبّة، وهي من الفارسية.
10 - من حرف الذال  «الذبيبينة»: لعبة للصبيان غالباً ما يلعبونها في الأعياد، وهي أن يضع كلّ منهم بيزة معلّمة على الأرض، فإذا سقطت الذباب على بيزته التقطها وكان من الغالبين.
11 - من حرف الراء «الرمّاي»: حيوان بحري أسود اللون ذو شوك، وهو فوق حجم الشيتة (والشيتة: حيوان بحري أسود اللون، يدبّ على قاع البحر وله أشواك على جسمه). قال فيه الشيخ عبدالعزيز الرشيد «1: 59» من تاريخه: «له شوك غليظ، ومن الغريب انه إذا أصاب أحداً بشوكهِ فحكّ الموضع بشعر رأسه سكن الألم».
12 - من حرف الزاي «الزجلة»: من المقاطعات القفراء في الكويت، غير أنها إذا هطلت عليها الأمطار أمرعت وصلحت للمراعي.
13 - من حرف السين «السُرَة»: اسم جبل صغير في الجنوب الغربي من الكويت. وفي هذه الجهة يقع قصر «مشرف» الذي بناه الشيخ. مبارك الصباح، وقد تهدّم فبنى محله ابنه الشيخ عبدالله المبارك قصراً غيره.
14 -  من حرف الشين «الشِعيب»: المنخفض والمنحنى والوادي، يكوّن مجرىً لمياه الأمطار، وهو الشِعْبْ. وكان إلى عهدٍ قريبٍ وادياً يقع جنوب الكويت، وعلى أرجائه أقيمت منطقة القادسية المأهولة بالسكان حالياً. واللفظ معروف لدى بدو العراق بمعنى الوادي الصغير، يجمعونها على شِعبان.
15 - من حرف الصاد «الصُبّاح»: لقب الأسرة الحاكمة في الكويت، وهي تنتسب إلى أول حاكم حكم هذه الديار وهو الشيخ صباح بن عبدالله، وكان شيخاً للكويت سنة 1756 م.
16 - من حرف الضاد «الضِريبة»: الداهية من الناس، وترد أيضاً على وجه التشكيّ من لجاجة بعض الصبيان. والضَربة ما يُجبيه جُباة الحكومة من الضرائب.
17 - من حرف الطاء «الطلايب»: المشكلات والمآزق. وفي مثل لهم «بو متيح مدوّر الطلايب»، يضرب لمن يتشوّق إلى ابتغاء الفتن.
18 - من حرف الظاء «الظلوف»: جبلان أو تلاّن متصلان. في الفصيح: الظَلَف الأرض الغليظة الحجر، والظَلْف والظِلف: المكان المرتفع.
19 - من حرف العين «العتيبي»: لقب أسرة كويتية أصلها من تميم، وكان أول من هاجر من أفرادها إلى الكويت محمد سليمان العتيبي (من تجار الكويت، ومن رجال قصر السيف) سنة 1331 هـ، ونسبته إلى عتيبة، علقت بجدّه من أيام الطفولة على ما قال في رسالة خطية كتبها إليّ. (أي للشيخ الحنفي).
20 - من حرف الغين «الغَطو»: في الألغاز والأحاجي، واحدتها «غطاية» وتسمى في بغداد «حَزُّورة»، ولعلّ أصل اللفظة من التغطية، بمعنى التعمية. وفي الأدب الشعبي الكويتي الشيء الكثير من هذه الأحاجي والألغاز.
21 - من حرف الفاء «الفجري»: ضربٌ من غناء البّحارة.
22 - من حرف القاف، «القمّازة»: المرأة تختص بمعالجة اللوزتين في الأطفال، وتلفظ كذلك بالغين «غمّازة»، ولعلها من القَمْز في الفصيح، وهو الأخذ بأطراف الأصابع.
23 - من حرف الكاف «الكمال»: المزولة، وهي آلة تستعمل في الهندسة الفلكية، يقيسون بها مدى سير السفينة من الزوال إلى الزوال، ولعلّها من الهندية بمعنى القوس، وهو من أجزائها، أو بمعنى قوس الفلك.
24 - من حرف الكاف الأعجمية «الكنطار»: ضرب من التمر الكويتي مما ينبت في الجهرة.
25 - من حرف اللام «اللّنج»: الزورق البخاري، من الإنجليزية «Launch».
26 - من حرف الميم «المباركية»: المدرسة المباركية بنيت سنة 1329 هـ وفتحت للتدريس أول المحرّم 1330 هـ، وقد سميت باسم الشيخ مبارك الصباح. تقع جوار مسجد السوق، وكان قسم منها قبل بنائها لسليمان العنزي.
27 - من حرف النون «الناية»: عملة نقدية وهي جزء من مائة جزء من الربّيّة الهندية التي كانت نقداً رسمياً للكويت قبل استعمال الدنانير الكويتية. ويقال لها: «ناية بيزة».
28 - من حرف الهاء «الهادي»: في عبارة تقليدية يقولها النوخذة حَضّاً للبحّارة على بدء العمل في الغوص، يرد قوله: «الهادي الله».
29 - من حرف الواو «الوقواق»: طير أبيض ومنه ان يكون مُشكّلاً من ألوان متعددة، له لهجة يقول «واق واق»، وهو من الطيور أكيلة اللحم.
30 - من حرف الياء «اليامال»: الموال يستعمل في الغناء البحري.
مصادر الحنفي
          كان من بعض مصادر الشيخ جلال الحنفي عند تسجيله لمعجم الألفاظ الكويتية، لفيف من الأدباء، تعرّف عليهم خلال تردّده على مكتبة المعارف في الكويت العاصمة، حيث يسّروا له معرفة كثير من الألفاظ والأمثال والعوائد الشعبية، منهم السيد احمد ياسين، ناظر مدرسة ابن رشد، وأبو عليّ سهيل الزنكي أمين المكتبة آنذاك، فضلاً عن العّطار السيد خالد علي السدّاني، الذي كان في سوق الماء القديم، وقد أفاد الشيخ الحنفي كثيراً منه في تعريف المفردات العطارية وخواصها الطبيّة على مذهب العامّة في طبّهم التقليدي المتوارث.
          كما أسدى له الحائك السيد عبدالعزيز السالم معونة حين انتقل به إلى محلات الحياكة اليدوية التي يملكها في الرميثية، فهيأ له أن يدون جمهرة من الألفاظ. وحصل من الحاج صالح إسماعيل العبدالله الرشاد على مجموعة من المعلومات المتعلقة بالغوص ومصطلحاته وشئون البحر والسفن والمحار واللؤلؤ ونحو ذلك. كما لبث الشيخ الحنفي يتجوّل أياماً متتابعة في المتحف الوطني الكويتي، ويدون ما رأى تدوينه من أسماء المعروضات فيه مستعيناً على تصحيحها بمن يحسن تلفّظها من المعمّرين الكويتيين، إذْ إنّ جمهرةً منها كانت قد كتبت بألفاظ ولهجات غير محلية، من حيث كان يشرف على ذلك مستخدمون من مصر وفلسطين وجهات أخرى.
          أما الألفاظ المستعملة في جزيرة «فيلكا»، فقد تعرّف الشيخ الحنفي على فريق منها حين ذهب هو وصديقه الشيخ عبدالمجيد عبدالله البصروي إلى الملا معروف الملا عبد القادر، إمام الجامع الكبير آنذاك، حيث لبث في ضيافته من ضحى التاسع من يونيو 1960م إلى ظهيرة الحادي والعشرين منه.
          وكذلك كان من مصادر الشيخ الحنفي ما تهّيأ له الاطلاع عليه خلال فترات طويلة، من عشرات المدونات والكتب والمعاجم، أهمها:
1 - تاريخ الكويت: تأليف الشيخ عبد العزيز الرشيد، طبع المطبعة العصرية ببغداد عام 1926م.
2 - صفحات من تاريخ الكويت: تأليف الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، طبع عام 1946م.
3 - دليل المختار في علم البحار: تأليف عيسى بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن قطامي، أتمّ تأليفه عام 1334 هـ وطبع في مطبعة دار السلام ببغداد عام1342 هـ.
4 - من تاريخ الكويت: تأليف الأستاذ سيف بن مرزوق الشملان، طبع عام 1959م.
5 - أيام الكويت: للشيخ أحمد الشرباصي الشربيني، طبع عام 1946م.
6 - مختصر تاريخ الكويت: تأليف راشد
عبدالله الفرحان، طبع عام 1960م.
7 - محاضرات عن المجتمع العربي بالكويت، للأستاذ عبد العزيز حسين، طبع عام 1960م.
8 - الكويت الحديثة: تأليف إسكندر معروف، طبع عام 1952م.
9 - كويت وكويتيون: بقلم راسم رشدي، طبع ببيروت عام 1955م.
10 - الكويت كانت منزلي: تأليف زهرة ديكسون فريث.
11 - التُحفة النبهانية في الجزيرة العربية: للشيخ محمد النبهاني.
12 - جزيرة العرب في القرن العشرين: لحافظ وهبة، طبع عام 1935م.
الخاتمة
          لقد كانت العامية الكويتية، كما ذكر العلامة الراحل الشيخ جلال الحنفي، كسائر اللهجات العامية في البلاد العربية، تستورد مفرداتها من لغات شتّى، فإنّ فريقاً غير قليل من الألفاظ الكويتية، يردّ إلى الهندية والإنجليزية والتركية والفارسية، بما فيها اللهجات المتفرّعة منها كاللارستانية والخنجية والبستكية والكراشية ونحوها، وربما إلى البرتغالية والهولندية. على أنّ البداوة هي الأصل الأول الذي تعتمد عليه هذه الألفاظ.
          ولا شكّ أنّ اللهجات المحلية، في كلّ مكان مهددة بالانقراض والزوال، لكنّ الذين يفقهون هذه المفردات إنّما هم شيوخ القوم والمسنّون فيهم، أمّا الشباب فلا يعرفون إلا القليل منها، ولا يكاد النشء الجديد يفهمون للألفاظ القديمة معنى.
          إنّ التطوّر الذي عرض لنظام الحياة في الكويت، ضرب بوناً شاسعاً بين الجيل الجديد والجيل القديم، فقد دبّت آفة النسيان إلى غير قليل من الألعاب والأساطير والألغاز والأمثال والأعلام والأزياء والمآكل والصناعات.
          وإذا كان لمعجم الألفاظ الكويتية الذي ألفه الشيخ الحنفي إثارة من الأهمية، فإنّها أنصبّت على هذه الناحية.
          إنّ هذه الألفاظ توشك ماكينة العولمة الزاحفة أن تقضي عليها تحت سنابك المصطلحات الكثيرة الوافدة عبر وسائل الإعلام والاتصال. ولذلك تنبه الكويتيون إلى هذا الخطر، وهرعوا إلى التوثيق والتسجيل قبل فوات الأوان. وحسب الشيخ الحنفي أنّه تجرّأ واقتحم هذا الحقل الشعبي الكويتي، وقد بقي يعتزّ به حتى يوم رحيله إلى دار البقاء.
عبدالجبار السامرائي   
مجلةالعربي 
597

الخميس، 25 يونيو 2015

معركة "جالديران"


سمير حلبي 
كانت معركة "جالديران" من المعارك الفاصلة في تاريخ الدولة العثمانية؛ فقد استطاع السلطان العثماني التاسع "سليم الأول" بانتصاره على "الصفويين" في سهول "جالديران" أن يحقق لدولته الأمان من عدو طالما شكل خطرًا داهمًا على وحدتها واستقرارها.
كان السلطان "بايزيد الثاني" والد السلطان "سليم الأول" ميالا إلى البساطة في حياته، محبًا للتأمل والسلام؛ ولذلك فقد أطلق عليه بعض المؤرخين العثمانيين لقب "الصوفي"، وقد تمرد عليه أبناؤه الثلاثة في أواخر حكمه، واستطاع "سليم الأول" بمساعدة الإنكشارية أن يخلع أباه وينفرد بالحكم، ثم بدأ حملة واسعة للتخلص من المعارضين والعمل على استقرار الحكم، وإحكام قبضته على مقاليد الأمور في الدولة.
وقد اتسم السلطان "سليم" بكثير من الصفات التي أهَّلته للقيادة والزعامة؛ فهو –بالإضافة إلى ما يتمتع به من الحيوية الذهنية والجسدية- كان شديد الصرامة، يأخذ نفسه بالقسوة في كثير من الأمور، خاصة فيما يتعلق بأمور الدولة والحكم.
وبرغم ما كان عليه من القسوة والعنف فإنه كان محبًا للعلم، يميل إلى صحبة العلماء والأدباء، وله اهتمام خاص بالتاريخ والشعر الفارسي.
التحول الصفوي
اهتم السلطان "سليم الأول" منذ الوهلة الأولى بتأمين الحدود الشرقية للدولة ضد أخطار الغزو الخارجي الذي يتهددها من قِبل الصفويين -حكام فارس- الذين بدأ نفوذهم يزداد، ويتفاقم خطرهم، وتعدد تحرشهم بالدولة العثمانية.
وقد بدأت الحركة الصفوية كحركة صوفية منذ أواسط القرن الثالث عشر الميلادي، ولكنها انتقلت من التأمل الصوفي إلى العقيدة الشيعية المناضلة منذ أواسط القرن الخامس عشر الميلادي، حتى استطاع الشاه "إسماعيل" -ابن آخر الزعماء الصفويين- أن يستولي على الحكم، ويكوِّن دولته بمساندة قبائل التركمان التي توافدت بالآلاف للانضمام إليه.
وحظي "إسماعيل الصفوي" بكثير من الاحترام والتقدير اللذين يصلان إلى حد التقديس، وكانت له كلمة نافذة على أتباعه، ومن ثَمَّ فقد قرر أن يمد نفوذه إلى الأراضي العثمانية المتاخمة لدولته في شرقي الأناضول.
وبدأ "إسماعيل" خطته بإرسال مئات من الدعاة الصفويين إلى الأناضول، فعملوا على نشر الدعوة الشيعية في أوساط الرعاة التركمان، وحققوا في ذلك نجاحًا كبيرًا.
تصاعد الخطر
وبالرغم من شعور السلطان "سليم" بتوغل المذهب الشيعي واستشعاره الخطر السياسي الذي تحتله تلك الدعوة باعتبارها تمثل تحديًا أساسيًا للمبادئ السُّنِّية التي تقوم عليها الخلافة العثمانية، فإن السلطان لم يبادر بالتصدي لهم إلا بعد أن اطمأنَّ إلى تأمين الجبهة الداخلية لدولته، وقضى تمامًا على كل مصادر القلاقل والفتن التي تهددها.
وبدأ "سليم" يستعد لمواجهة الخطر الخارجي الذي يمثله النفوذ الشيعي؛ فاهتم بزيادة عدد قواته من الانكشارية حتى بلغ عددهم نحو خمسة وثلاثين ألفًا، وزاد في رواتبهم، وعُني بتدريبهم وتسليحهم بالأسلحة النارية المتطورة.
وأراد السلطان "سليم الأول" أن يختبر قواته من الانكشارية، فخاض بها عدة معارك ناجحة ضد "الصفويين" في "الأناضول" و"جورجيا".
سليم يقرع طبول الحرب
وبعد أن اطمأنَّ السلطان "سليم" إلى استعداد قواته للمعركة الفاصلة بدأ يسعى لإيجاد ذريعة للحرب ضد الصفويين، ووجد السلطان بغيته في التغلغل الشيعي الذي انتشر في أطراف الدولة العثمانية، فأمر بحصر أعداد الشيعة المنتشرين في الولايات المتاخمة لبلاد العجم بصورة سرية، ثم أمر بقتلهم جميعًا في مذبحة رهيبة بلغ عدد ضحاياها نحو أربعين ألفًا.
وفي أعقاب تلك المذبحة أعلن السلطان "سليم" الحرب على الصفويين، وتحرك على رأس جيش تبلغ قوته مائة وأربعين ألف مقاتل من مدينة "أدرنه" في [ 22 من المحرم 920هـ= 19 من مارس 1514م] فسار بجيشه حتى وصل "قونية" في [7 من ربيع الآخر 920= 1 من يونيو 1514م] فاستراح لمدة ثلاثة أيام، ثم واصل سيره حتى وصل "آرزنجان" في [أول جمادى الآخرة 920 هـ= 24 من يوليو 1514م]، ثم واصل المسير نحو "أرضوم"، فبلغها في [13 من جمادى الآخرة 920 هـ= 5 من أغسطس 1514].
وسار الجيش العثماني قاصدًا "تبريز" عاصمة الفرس، فلم تقابله في تقدمه واجتياحه بلاد فارس مقاومة تذكر؛ فقد كانت الجيوش الفارسية تتقهقر أمامه، وكانوا يحرقون المحاصيل، ويدمرون الدور التي كانوا يخلفونها من ورائهم بعد انسحابهم، حتى لا يجد جيش العثمانيين من المؤن ما يساعده على التوغل في بلاد فارس وتحقيق المزيد من الانتصارات، وكان الفرس يتقهقرون بشكل منظم حتى يمكنهم الانقضاض على الجيوش العثمانية بعد أن يصيبهم التعب والإنهاك.
واستمر تقدم السلطان "سليم" بقواته داخل الأراضي الفارسية، وكان الشاه "إسماعيل الصفوي" يتجنب لقاء قوات العثمانيين لتفوقها وقوتها، وقد رأى الانسحاب إلى أراضي شمال إيران الجبلية؛ حيث تمكنه طبيعتها الوعرة من الفرار من ملاحقة جيوش العثمانيين.
المواجهة الحاسمة في جالديران
وفي خِضم تلك الأحداث العصيبة فوجئ السلطان "سليم" ببوادر التمرد من جانب بعض الجنود والقادة الذين طالبوا بإنهاء القتال والعودة إلى "القسطنطينية"، فأمر السلطان بقتلهم، وكان لذلك تأثير كبير في إنهاء موجة التردد والسخط التي بدأت بوادرها بين الجنود، فتبددت مع الإطاحة برؤوس أولئك المتمردين.
وتقدم الجيش العثماني بصعوبة شديدة إلى "جالديران" في شرقي "تبريز"، وكان الجيش الصفوي قد وصلها منذ مدة حتى بلغها في [أول ليلة من رجب 920هـ=22 من أغسطس 1514م]، وقرر المجلس العسكري العثماني (ديوان حرب) الذي اجتمع في تلك الليلة القيام بالهجوم فجر يوم [2 من رجب 920هـ= 23 من أغسطس 1514].
كان الفريقان متعادليْن تقريبا في عدد الأفراد، إلا أن الجيش العثماني كان تسليحه أكثر تطورًا، وتجهيزاته أكمل، واستعداده للحرب أشد.
وبدأ الهجوم، وحمل الجنود الانكشارية على الصفويين حملة شديدة، وبالرغم من أن معظم الجنود العثمانيين كانوا عرضة للإرهاق والتعب بعد المسافة الطويلة التي قطعوها وعدم النوم بسبب التوتر والتجهيز لمباغتة العدو فجرًا فإنهم حققوا انتصارًا حاسمًا على الصفويين، وقتلوا منهم الآلاف، كما أَسَروا عددًا كبيرًا من قادتهم.
العثمانيون في تبريز
وتمكن الشاه "إسماعيل الصفوي" من النجاة بصعوبة شديدة بعد إصابته بجرح، ووقع في الأَسْر عدد كبير من قواده، كما أُسرت إحدى زوجاته، ولم يقبل السلطان "سليم" أن يردها إليه، وزوّجها لأحد كتّابه انتقامًا من الشاه.
ودخل العثمانيون "تبريز" في [14 من رجب 920 هـ= 4 من سبتمبر 1514م] فاستولوا على خزائن الشاه، وأمر السلطان "سليم" بإرسالها إلى عاصمة الدولة العثمانية، وفي خِضم انشغاله بأمور الحرب والقتال لم يغفل الجوانب الحضارية والعلمية والتقنية؛ حيث أمر بجمع العمال المهرة والحاذفين من أرباب الحرف والصناعات، وإرسالهم إلى "القسطنطينية"؛ لينقلوا إليها ما بلغوه من الخبرة والمهارة.
وكان السلطان "سليم" يشعر بما نال جنوده من التعب والإعياء بعد المجهود الشاق والخارق الذي بذلوه، فمكث في المدينة ثمانية أيام حتى استردّ جنوده أنفاسهم، ونالوا قسطًا من الراحة استعدادًا لمطاردة فلول الصفويين.
وترك السلطان المدينة، وتحرك بجيوشه مقتفيًا أثر الشاه "إسماعيل" حتى وصل إلى شاطئ نهر "أراس"، ولكن برودة الجو وقلة المؤن جعلتاه يقرر العودة إلى مدينة "أماسيا" بآسيا الصغرى للاستراحة طوال الشتاء، والاستعداد للحرب مع قدوم الربيع بعد أن حقق الهدف الذي خرج من أجله، وقضى على الخطر الذي كان يهدد دولته في المشرق، إلا أنه كان على قناعة بأن عليه أن يواصل الحرب ضد الصفويين، وقد تهيأ له ذلك بعد أن استطاع القضاء على دولة المماليك في الشام أقوى حلفاء الصفويين.
هوامش ومصادر:
  • تاريخ سلاطين بني عثمان: يوسف بك آصاف ـ القاهرة [د.ت].
  • تاريخ الدولة العثمانية: يلمازا وزتونا ـ ترجمة: عدنان محمود سلمان ـ منشورات مؤسسة فيصل للتمويل ـ إستانبول: [ 1408هـ=1988م].
  • تاريخ الدولة العلية العثمانية: محمد فريد بك ـ تحقيق: د. إحسان حقي ـ دار النفائس ـ بيروت: [1403هـ=1983م].
  • الدولة العثمانية والشرق [1514هـ=1990م]: د. محمد أنيس ـ مكتبة الأنجلو المصرية ـ القاهرة: [1410هـ=1990م].
  • العثمانية في التاريخ والحضارة: د. محمد حرب ـ المركز المصري للدراسات العثمانية ، وبحوث العالم التركي ـ القاهرة [1414هـ=1994م].
  • في أصول التاريخ العثماني: د. أحمد عبد الرحيم مصطفى ـ دار الشروق ـ القاهرة [1402هـ= 1982م].